بقلم - عماد الدين حسين
من هم الذين نزلوا من المصريين فى ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، ومن هم الذين نزلوا فى 30 يونية 2013، وما هو الفارق بينهم؟!
تقديرى أن ممثلين لكل شرائح المصريين قد نزلوا فى 25 يناير والأيام التالية باستثناء القطاعات المتحالفة مع نظام حسنى مبارك والمستفيدين منه.
القطاع الأكبر من الذين نزلوا فى الميادين المختلفة كانوا من الشباب.
البدايات كانت مظاهرات واحتجاجات لناشطين سياسيين وحزبيين ومعارضين، احتجاجا على مقتل الشاب السكندرى خالد سعيد على يد أمينى شرطة.
غالبية الذين نزلوا كانوا مصريين عاديين يريدون «العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية»، وطبيعى جدا أن مخربين ومندسين ومجرمين ومساجين سابقين وأقاربهم ومتعاطفين معهم، حاولوا تحقيق أهداف خاصة لهم، ومنهم الذين اقتحموا بعض أقسام الشرطة فى يوم الجمعة ٢٨ يناير ٢٠١١، ثم بعض السجون فى أيام تالية. إلا أن العدد الأكبر الذى تظاهر فى ميدان التحرير، واعتصم فيه، كانوا من الشباب عموما، ومن كل الفئات إضافة إلى قطاعات وشرائح مختلفة.
صحيح أن جماعة الإخوان بحكم أنها الأكثر تنظيما والأكثر سيطرة على أعضائها، فيما يتعلق بالسمع والطاعة، قد هيمنت هى وأنصارها من القوى السلفية على جزء من ميدان التحرير طوال الأيام الـ ١٨ حتى تنحى مبارك، لكن غالبية ممثلى المجتمع المصرى كانوا متواجدين فى الميدان بصورة أو بأخرى أو متعاطفين مع مطالب الشباب.
أقول ذلك وكنت أحد الذين نزلوا يوم ٢٥ يناير، ومعظم الأيام حتى تنحى حسنى مبارك عن الحكم فى ١١ فبراير، وقد رأيت بنفسى شرائح شعبية كثيرة ومعظمهم لم يكونوا منتمين لأحزاب وقوى سياسية، بل شباب عاديين يطمحون فى غد مشرق يحققون فيه آمالهم وطموحاتهم، مثلهم مثل كل الشعوب المحترمة والمتقدمة فى العالم.
هل كانت هناك أخطاء فى الميدان، وعناصر سيئة أو حتى منحرفة؟.
نعم، لكن هؤلاء كانوا قلة قليلة، لكن لا يمكن أن نعمم، ونقول إن كل المعتصمين كانوا كذلك.
حينما تنحى مبارك، وعاد المعتصمون والمتظاهرون إلى بيوتهم، فإن من عادوا للاعتصام بعد ١١ فبراير ولفترات طويلة فى الشهور التالية كان معظمهم ناشطين أقرب إلى المراهقة السياسية، ومن دون أى خبرة، ودخلوا فى معارك عبثية مع الجيش والشرطة، وبعضهم البعض، وتركوا الإخوان يستعدون للانتخابات. وبجانب هؤلاء وأولئك كان هناك من يعمل لمصلحة قوى أجنبية عربية ودولية، بحسن أو سوء نية لا فرق، ولم يكتشف معظم المتظاهرين من الشباب وعموم المصريين ذلك، إلا بعد أسابيع طويلة من الثورة.
السؤال الثانى: ومن الذين نزلوا للشوارع والميادين فى ٣٠ يونية ٢٠١٣؟.
الإجابة هى أن ممثلين لكل شرائح وقطاعات المصريين نزلوا باستثناء جماعة الإخوان فقط وجزء صغير من حلفائهم من السلفيين؟!
كنت موجودا أيضا فى هذه التظاهرات، ورأيت أطول مظاهرة لا أستطيع نسيانها حتى الآن بدأت من ميدان مصطفى محمود بالمهندسين وتواصلت حتى ميدان التحرير مرورا بميدان الدقى، واتجهت يمينا عابرة كوبرى الجلاء ثم قصر النيل وصولا لميدان التحرير، فى حين أن مظاهرات أخرى كانت قادمة من شرق القاهرة مرورا بميدان رمسيس باتجاه ميدان التحرير أيضا.
فى هذا اليوم وحتى ٣ يوليو، رأيت رموزا لكل القوى والأحزاب السياسية، يتظاهرون لإسقاط الإخوان، بمن فيهم العديد من المعارضين الآن، وعلى رأسهم «جبهة الإنقاذ» التى ضمت غالبية ممثلى القوى والأحزاب السياسية.
الذين نزلوا فى يناير حلموا، بالحرية والكرامة الإنسانية والديمقراطية، لكنهم فوجئوا بأن ثورتهم قد تم سرقتها، وتحويلها لمصلحة جماعة الإخوان وحلفائها من بعض القوى السلفية. والذين نزلوا فى 30 يونية، كان هدفهم الرئيسى التخلص من الإخوان، وإعادة مصر لوجهها المدنى. وبالتالى فظنى الشخصى أن غالبية المصريين شاركوا فى الثورتين، وكانت أهدافهم واضحة ونبيلة، لكن بالطبع فإن التقييم السياسى يتعامل مع النتائج النهائية للثورات، وليس لنوايا المتظاهرين أو المشاركين فيها فقط.
ثورة ٢٥ يناير كان لها آمال وأهداف عظيمة خصوصا فى مجال الديمقراطية والحريات، لكن معظمها لم يتحقق، رغم أن تأثيرها ما يزال كبيرا، وثورة ٣٠ يونية صححت بعض أخطاء يناير، لكن هناك حاجة ماسة لمزيد من الحريات والمشاركة السياسية الفاعلة خصوصا من القوى والأحزاب المدنية، حتى يستطيع المجتمع مواجهة أى قوى ظلامية قد تحاول إعادة المحاولة مرة أخرى.