بقلم - علي أبو الريش
للقمر عيون ترصد جبلته، وتتبع خطواته، وتقف عند رونقه، لتقول للناس أجمعين هنا تكمن حقيقة من يعشق الحياة، ومن يسرد للعالم قصة الوصول إلى المجد، بشواهد وقواعد العقل الذاهب إلى العلا بأجنحة الوعي مسترسلاً الجملة المعرفية من فيض الإرادة وقوة العزيمة، وحب الحياة.
عندما تلتقي الأقمار في حياض الوجود تصبح الأرض مخضرة بعشب الرؤية المجللة بالتصميم، والإصرار على اقتحام كل ما هو عال ومجلل بالرفعة، يصبح الإنسان قمراً يزاحم قمراً، وبريقاً يضاهي بريقاً، وخلوداً يوازي خلوداً، ويصبح الإنسان على هذه الأرض الشمس التي تضيء دائرة القمر وتبحث من خلاله عن سر، وسبر، وغور، وأشياء تكمن في المضمون لا يعلمها إلا من أسرج خيول المعرفة، لكي تستقصي، وتمضي في استفتاء العقل، وتحمل على عاتقها مسؤولية مشاغبة النجوم، والاندماج مع الوجود بشغف العشاق، وشعراء القصيدة المجللة بالوجد العفوي، وفطرية البحث عن المكنون في ضمير الأشياء الخالدة، من وطن طموحه لا تحده حدود، وقائد يفيض بالبصيرة، ممتلئ بحب الحياة، كما هو حبه للناس أجمعين، كما هو توقه إلى ولوج اللج، بإرادة لا تكل ولا يتوقف جدولها عن بث العذوبة في قلب الوجود، والذود عن قيم الإنسان، بعزيمة الأوفياء، والناس النبلاء.
هكذا يمضي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، وهو ينظر إلى السماء، فيرى القمر يشير بأنملة أشبه بهدب يرمش للقاء، هنا يتأمل سموه، ويقرأ التفاصيل على صفحات القمر، يقرأ كيف للإنسان أن يكون جزءاً من الوجود إن لم يضع يداً في الأرض، وأخرى على صفحات القمر، ثم يمعن النظر في خلق الله، فيتأكد له أنه ما من قوة تمنع الإنسان من تحقيق الأمل، إذا كانت لديه عقلية الإبداع، ومن يصنع القصيدة العصماء، يستطيع أن يتعامل مع مكونات الوجود كما هي الكلمات في القصيدة، كما هو الشعر عندما يرتقي إلى أسمى المعاني، وأروع المغزى.
سموه يسير بنا إلى حيث تقف الشامخات، السوامق في أعلى المراتب السماوية ويقول لنا، هناك هو المجد وعليكم أن تشدوا الأحزمة، فلا وقت للانتظار، فالقمر يدير وجهه تجاهنا، وعلينا أن نحييه برغبة التواصل، وتحقيق الطموحات بقلوب مثل النحلة عندما تنتقي رشفات العسل، لتهديه للعالم شهداً صافياً.