بقلم - علي العمودي
على طريقة «الكتاب من عنوانه»، يعد موظف مراكز الخدمة، وكل من على تعامل مباشر مع أفراد الجمهور عنواناً لجهة عمله وسفيراً فوق العادة لها، فأي تصرف منه يُحسب على الجهة بأسرها. ونحن، ولله الحمد، تزخر دوائرنا ومؤسساتنا بالعديد من النماذج الطيبة والقدوة الحسنة، ومنهم ذلك الموظف في محطة «مترو أبراج الإمارات» الذي نوّه بتصرفه، واعتبره نموذجاً للموظف الحكومي في الإمارات، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله». فقد ساعد ذلك الموظف مقيمة على مواصلة رحلتها بالمترو، ولم تكن تملك رصيداً أو مالاً لتعبئة بطاقتها، بعدما نسيت محفظتها. ربما بدا المبلغ بسيطاً، ولكن أثر التصرف كان عظيماً.
لا زلنا نتذكر ذلك الموظف في منفذ حتا الذي أعار سيارته لأسرة عربية مقيمة تعطلت سيارتها عند المنفذ، بينما كانت في طريقها لقضاء إجازة العيد في سلطنة عمان الشقيقة (قبل كورونا). ليس ذلك فحسب، بل وجدوا عند عودتهم سيارتهم جاهزة في انتظارهم، بعد أن تولى إصلاحها. نماذج تعكس ليس أصالة أبناء الإمارات وتسابقهم لعمل الخير فحسب، وإنما تمثل نظرة متقدمة للوظيفة بأنها ليست فقط مجرد وظيفة، وإنما منطلق للذهاب أبعد من ساعات الدوام «الرسمي» وحدود وإطار الوظيفة لما فيه ليس خدمة المراجعين وإنما إسعادهم.
قبل أيام كنت على تواصل في أمر خاص مع مركز عمليات شركة أبوظبي للخدمات الصحية«صحة» في أبوظبي، ووجدت منهم كل تعامل راق ومتابعة، وكانت إحدى الموظفات تحرص على الاطمئنان بأن الأمور تمضي كما ترضي المتعامل رغم انتهاء مناوبات عملها.
مبادرات وممارسات تلقائية لا تعترف بأوقات دوام محدد، وإنما الغاية أداء الواجب على أتم وجه، والحرص على إدخال السعادة والفرح على المتعامل.
مقابل هذه النماذج المضيئة هناك نوعية- والحمد الله أنهم قلة- لا يزالون في بعض الدوائر ينفثون كل عقد البيروقراطية الكامنة داخلهم على المتعامل، بل جعلوا من الخدمات الرقمية مطية وأداة لمواصلة تعطيل مصالح الناس.
نتمنى من كل جهة، وبالذات الخدمية منها حسن اختيار«العنوان» الخاص بها، ونعني موظفي مراكز خدمات المتعاملين، لا يكفي فقط تغيير مسمياتها إلى «إسعاد المتعاملين»، وإنما رفدها بموظفين يقدّرون المسؤولية الواقعة عليهم، ويستحضرون روح المهمة التي يقومون بها تجاه من وجدوا لخدمتهم وإسعادهم في وطن السعادة.