بقلم - علي العمودي
من موطن ومهد «وثيقة الأخوة الإنسانية» نتابع مبادراتها القيمة، خاصة مع بدء تلقي الترشيحات، من جميع أنحاء العالم، لـ «جائزة زايد للأخوة الإنسانية» في دورتها الثانية. الجائزة الدولية المستقلة التي تحتفي وتكرم كل من قدم إسهامات كبرى للإنسانية.
جاء لقاء البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية في الفاتيكان مؤخراً بأعضاء لجنة تحكيم الجائزة في إطار نشر وترسيخ وترويج القيم العظيمة الواردة في الوثيقة التاريخية التي وقعها الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف والبابا في أبوظبي العام الماضي في رحاب صرح زايد المؤسس، وما حملته تلك اللحظات التاريخية من معان ودلالات تعبر عن رسالة الإمارات المتفردة في نشر قيم المحبة والتآخي والتعايش بين البشر على اختلاف أعراقهم وأجناسهم ومعتقداتهم، والتصدي للكراهية والتمييز والتطرف. كما تجسد الجائزة القيم التي أرساها وعززها الرجل الذي تتشرف بحمل اسمه، ورسم النهج السامي للإمارات لتصبح اليوم منارة وعاصمة للتسامح والإنسانية وصنع ونشر الخير.
جعلت الإمارات من قيم وثيقة الأخوة الإنسانية الموقعة في عام التسامح منهاج عمل، انطلاقاً من رؤية شاملة للقيمة السامية للتسامح باعتباره مدخلاً للتفاهم والتعاون بين الأديان والثقافات والحضارات، وأطلقت المبادرة تلو الأخرى، ونظمت المؤتمرات النوعية المتتالية لذلك، ولعل أحدثها منتدى «رسالة تسامح من الإمارات إلى العالم» الذي انطلق أمس افتراضياً وتنظمه أول وزارة للتسامح والتعايش في العالم أنشأتها الإمارات ضمن تشكيلة حكومتها، وينعقد بمشاركة واسعة من القيادات الدينية لمختلف الأديان وحشد من الكتاب والمفكرين والساسة والمسؤولين.
تأتي المبادرات والجهود الإماراتية السامية، وعالم اليوم في أمس الحاجة لها لكبح جماح الغلو والتطرف الذي يُؤجج باسم الأديان، وبالذات من جانب الذين أرادوا اختطاف ديننا الإسلامي ووسطيته واعتداله، وتطويعه لمآربهم وتعطشهم لسفك دماء الأبرياء ونشر الخراب في العالم، ووجدوا أصواتاً وتوجهات متطرفة مقابلة لهم في الطرف الآخر، لنجد مساحات الفوضى والتطرف والعنف تتسع مع وجود هؤلاء المتطرفين الذين يخلطون بين الإساءة للأديان والأنبياء وما يعتقدون أنه حرية للتعبير، وهو الأمر الذي أكدته بكل جلاء المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في حكم تاريخي في مثل هذا الشهر من العام 2018.
ستظل الإمارات تقود صوت الحكمة والعقل بنشر قيم التسامح وحسن التعايش والمبادئ السامية لمحاصرة أصوات وأفعال التطرف، وما يقود إليه من تهديد للوجود الحضاري والإنساني.