بقلم - علي العمودي
عند أي مواجهة في ساحات القضاء بين المقترض والبنك المُقرض أو بين متضرر من خدمة والشركة الموفرة أو المكلفة بتلك الخدمة، يكتشف الفرد وجود بنود في العقد المنظم للتعامل بينهما لم يعلم بها من قبل، بينما يتمسك الطرف الآخر والأقوى بأن «العقد شريعة المتعاقدين»، فالشركات والمصارف الكبرى مدججة بجيش من القانونيين الذين لا يتركون شاردة ولا واردة إلا ضمنوها في العقد حماية للجهة التي يخدمونها ويتقاضون راتباً منها بينما الطرف الأضعف أي المتعامل يقف وحيداً لأنه لم يتأنَّ ويأخذ وقته في قراءة بنود العقد الذي غالباً ما يتكون من صفحات عدة؛ ولأنه في عجلة من أمره «شخط» توقيعه، ومضى ليجد نفسه في موقف لا يُحسد عليه وضع نفسه فيه بعد أن تغيرت الأوضاع والأحوال.
أكثر الجهات التي يضلل مندوبوها أو ممثلوها الناس، هم مروجو ما يسمى بالتسهيلات الائتمانية والمنتجات المصرفية، وكذلك بعض المطورين العقاريين وخدمات الاتصالات. إلا أن الفئة الأولى هي الأكثر إزعاجاً وضرراً، لأنهم يعرضون أموراً بعيداً عن الحقيقة فقط لتوريط المتعامل وقبض العمولة.
قبل أيام، كان أحد الإخوة يوعي آخرين عن ممارسات مندوب مصرف محلي كبير يتصل بالناس ليروج لمنتج زعم أنه استثماري توفيري، يتم استقطاع مبلغ محدد من العميل لسنوات محددة قبل أن يتلقى أرباحاً عن ذلك الاستثمار بعد مدة محددة. لم يكتفِ المتحدث بالكلام المعسول للمندوب، فذهب بنفسه للمصرف ليستغرب مماطلته في تزويده بنسخة من العقد قبل التوقيع، وليكتشف بعد التدقيق أن المنتج ليس باستثماري وإنما يتعلق بالتأمين على الحياة. وليبرز السؤال الكبير عن عدد الأشخاص الذين يمكن أن يكونوا ضحية مثل هذا التضليل الترويجي.
نحن أمام مشكلة تتعلق بضعف طالب الخدمة عند الموظف الذي يطلب منه التوقيع على العديد من الصفحات دون منحه الفرصة لقراءة ما فيها. أو أن يكون أميناً في تعريفه بما تتضمن من التزامات وشروط، وما له وما عليه. ممارسة يومية سائدة تتطلب حملات توعية مكثفة للتعريف بمخاطرها أو تبني ممارسة أخرى تتعلق بإلزام تلك الجهات بورقة إضافية تتضمن تعريفاً ملخصاً بأبرز ما في بنود العقد.
غالبية المشاكل والقضايا أمام المحاكم جراء عدم قراءة المتعامل لمواد العقد الذي ينظم العلاقة بينه وبين الطرف الآخر، فعبارة «ما حد قالي» لا يعتد بها في دوائر القضاء، وسلامتكم.