بقلم - علي العمودي
أورد أحدهم ما بدا أنها نكتة عن شخص توجه مع والديه لخطبة فتاة عندما فاجأهم والدها بطلب مبلغ كبير مهراً لابنته، وقال المتحدث إن الخاطب ووالديه من صدمة مبلغ المهر المطلوب نسوا أحد أفراد الأسرة عندهم.
مزحة تتداول وتحور وفق عملة كل بلد، ولكن تعبر عن أزمة موجودة.
احتدم نقاش في المجالس ومواقع التواصل الاجتماعي ليكشف استمرار وجود نوعية من الآباء يبالغون في طلب مهور لبناتهم فوق طاقة شاب يتلمس حياته العملية. البعض يفسر التصرف بأنه نوع من الرفض المقنّع دون إدراك أبعاد الأمر الذي قد يترتب عليه تولد انطباع عن الأسرة كلها بأنها كثيرة الطلبات والشروط وتبالغ في المهر الذي تطلب، ما يتسبب في عزوف الطارقين لأبوابهم.
ومع تواصل الجدل يتطوع البعض في إيراد روايات وقصص وتجارب زواج فاشلة وما ترتب عليها من نتائج مؤلمة، خاصة التي يكون فيها أبناء وحضانة ونفقة، وتجد من الشباب من يعلن عزوفه عن الزواج حتى لا يجد نفسه في قبضة الديون أو في مواقف كتلك.
الجهات المعنية بالمجتمع وقضاياه، وفي مقدمتها وزارة تنمية المجتمع مدعوة للانخراط بشكل قوي في هذه القضايا ذات التماس المباشر باستقرار المجتمعات، وتبني مبادرات من شأنها المساهمة في بناء أسر إماراتية جديدة، وما يمثله ذلك من أهمية استراتيجية على صعيد معالجة الخلل الكبير في التركيبة السكانية.
انشغال يتطلب الاعتناء بكل ما فيه تحفيز وتشجيع للشباب على الزواج، وتكثيف الحملات الخاصة بمكافحة الإسراف والمظاهر الدخيلة والركض وراء التقليد الأعمى، وكلها ممارسات تهدم البيوت، وتخرب الصلات بين الأسر.
الوزارة والهيئات المعنية بتنمية المجتمع مدعوون لإبراز التسهيلات والحوافز التي تقدمها الدولة لتشجيع الشباب، وكذلك إبراز النماذج الطيبة من الأسر التي تقيم أعراس أبنائها من دون كل تلك المظاهر الباذخة والأعباء التي ترهق العرسان، والتشجيع على الإنجاب والحوافز الخاصة به، بدلاً من ترك الساحة للروايات السلبية حول عزوف الشباب عن الزواج.
لقد كانت فترة جائحة «كورونا» مناسبة لجهة إقامة أعراس على نطاق ضيق وبوجود عددٍ محدود جداً من أقارب العروس وبمراسم بسيطة للغاية تسعد الجميع، وتؤكد أن الفرحة الحقيقية لم تكن في يوم من الأيام بالمظاهر الباذخة والاستعراضات والإسراف، وإنما ببناء بيت سعيد لعروسين تغمره المودة والسكينة وذرية صالحة ترفد إمارات المحبة والسعادة.