بقلم - علي العمودي
بعيداً عن نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية ومحطاتها المثيرة لاختيار الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة، يتوقف المرء بتقدير كبير أمام العديد من الأرقام القياسية التي سجلتها، وأكدت زعامة أميركا وقيادتها للعالم باعتبارها القوة الأعظم.
في مقدمة تلك الأرقام القياسية كبر سن المتنافسين، فقد كان المرشح الديمقراطي جو بايدن أكبر مرشحي الانتخابات الرئاسية سناً، حيث يبلغ من العمر 77 عاماً، بينما كان الجمهوري دونالد ترامب أكبر شخص يتولى رئاسة البلاد، فقد كان في السبعين من عمره عندما استقر في البيت الأبيض العام 2017. رقم يكشف إشكالية التعامل مع العمر في مجتمعاتهم، وغيرها من مجتمعات العالم النامي الذي يحكم بالموت البطيء على من بلغ الستين.
كما كان بايدن صاحب رقم قياسي في حصول مرشح رئاسي على أكبر عدد من الأصوات ليلة الانتخابات، عندما حصد 70 مليون صوت، محطماً الرقم المسجل للرئيس الأسبق باراك أوباما في انتخابات 2008. وكذلك الرقم القياسي للتصويت المبكر، حيث صوّت أكثر من 100 مليون ناخب قبل يوم الاقتراع، وقد كانوا مترددين بسبب جائحة كورونا التي لم تمنع من تحقيق مشاركة قياسية في هذه الانتخابات التي أثارت الكثير من الجدل.
ورغم كل الجدل الذي لا تخلو منه المعارك الانتخابية في الولايات المتحدة باعتبارها جزءاً من العملية أو لنقل «ملح» الحركة الانتخابية إلا أن الامتثال للقانون والحرص على الدستور يصل درجة التقديس. مسائل الرجوع للمحكمة العليا وبما يقرر ويحسم «المجمع الانتخابي» يعود للدستور المقر منذ عام 1787، ولم يجرؤ أحد على المساس بهذه الأمور، بينما لا يتوانى ضابط صغير في أنظمة الانقلابات العسكرية من الزحف للاستيلاء على السلطة تحت جنح الظلام، وتفصيل دستور بمواصفاته يضمن له البقاء في الحكم للأبد، حتى ينجح ضابط آخر في اقتلاعه من الكرسي. وذلك هو الفرق بين الدول العظمى وجمهوريات الموز.
في فيلم «جسر الجواسيس» يقول المحامي -الذي كان يقوم بدوره النجم العالمي توم هانكس- لضابط المخابرات المركزية الأميركية يحاول ابتزازه «إن الذي ساوى بيني أنا المهاجر الأيرلندي وبينك أنت المتحدر من أصول ألمانية في هذه البلاد شيء يقال له الدستور»، وتركه غير مكترث به لثقته بعدم قدرة كائناً من كان على تجاوز الدستور، وهذا ما يصنع عظمة الدول والشعوب.