عبد الرحمن الراشد
الوظيفة هي القضية، والوظيفة هي الحل. ورغم وضوح العلة والدواء فإنه لا توجد في الأفق حقا حلول عملية بعد لهذه المشكلة التي تكبر ككرة الثلج، رغم فتح المزيد من الجامعات، وابتعاث المزيد من الطلاب، وتقديم المزيد من الدعم للشركات لتوظيف المواطنين، ورغم التضييق على الأجانب في المملكة وبقية دول الخليج التي تنعم بأوفر مداخيل مالية قد لا تتوافر لها في سنوات لاحقة.
وهناك الكثير يقال لكن معظمه يصب في خانة الدعاية أو التمنيات. مثلا، لا أحد يمكن أن يصدق ما قاله وزير العمل السعودي، أو نسب إليه، بأنه تم توظيف ربع مليون مواطن حلوا محل العمالة المخالفة التي تم إبعادها في الأشهر الستة الماضية. سواء قاله حقا أم لا، فإنه ينطبق عليه القول «حدث العاقل بما لا يعقل فإن صدق فلا عقل له!». توظيف ربع مليون إنسان يعملون محل سبعين ألفا خرجوا من البلاد لا ينسجم حسابيا!.. وثانيا، معظم الذين أبعدوا هم عمالة بسيطة جدا، يبيعون علب المناديل في الشوارع، وفي المطاعم، وفي البناء والبقالات.
وعندما يلجأ المسؤولون إلى المبالغة في النتائج أو الوعود المستقبلية الكاذبة تعرف أنهم لا توجد عندهم حلول حقا، بل يكتفون بالدعاية الشخصية لهم ولمؤسساتهم. والأمر ينطبق على ما يقال بتوظيف آلاف النساء في السعودية، فهو أمر غير ممكن لأسباب واضحة، فمعظم الوظائف ممنوعة على النساء، ويحرم على الجامعات تأهيلهن لها!.. وبالتالي المشكلة بنيوية، فالعلة في المجتمع، والتعليم، والنظم الحكومية، وعدم محاسبة كبار موظفي الدولة على فشلهم في تنفيذ وعودهم وتصريحاتهم.
هناك فئة تريد للحكومة أن تفشل، بلا توقف تضع العصي في الدولاب. تعرف أن البطالة وضعف المداخيل أبرز علامات فشل الحكومة، وأسهل طريقة للتحريض عليها، مستقبلا. توظيف المرأة ليس ترفا بل حاجة حقيقية للبيوت السعودية، حيث لا توجد وسيلة أخرى غيرها لرفد مداخيل رب العائلة.
لا تكفي الاجتهادات، والتصريحات، ولن يفيد كرم الحكومة بتقديم ملايين المنح التوظيفية، ولا فتح المجالات غير المنتجة مثل العسكرية لخلق المزيد من الوظائف، لأنها جميعا سترهق كاهل الحكومة، وفي الوقت نفسه سيستمر الخط البياني للبطالة في الارتفاع. بإمكان الحكومة الاستعانة بدور متخصصة في دراسات السوق والتدريب والتعليم لتغيير مسار المستقبل الذي ينبئ ببطالة مقلقة، وتبني سياسة توظيف وتعليم أكثر شجاعة، مهما واجهت من اعتراضات. الحلول أكبر من بضع وظائف للنساء كبائعات وكاشيرات وطباخات، هذه ستعين بضعة آلاف منهن، لكن ماذا عن أكثر من مليون امرأة في الطريق إلى طابور الوظائف؟