عبد الرحمن الراشد
عاد حديثا نوري المالكي رئيس وزراء العراق، من طهران بعد رحلة استجداء للحصول على الدعم السياسي من طهران للفوز في الانتخابات البرلمانية التي تحل بعد ثلاثة أشهر تقريبا. وفي الأيام الماضية، ذهب رئيس وزراء العراق نوري المالكي إلى مدينة كربلاء، وهناك رفع نبرة خطابه الطائفي ضد السنة. ذهب المالكي إلى هناك للمشاركة في إحياء ذكرى أربعين الإمام الحسين، لكنه حول المناسبة إلى كلمة كريهة مليئة بالتحريض وتهديد المعتصمين في الأنبار، بحجة ملاحقة قادة «القاعدة» وتنظيم داعش الإرهابي!
الذي تصدى للمالكي ليس الشخصيات السنية العراقية، بل القيادات الشيعية، أبرزها السيد مقتدى الصدر الذي أصدر بيانا قال فيه: «سمعنا من الأخ المالكي تهديدا ضد التظاهرات الغربية، ولا يجب أن تكون مقدمة لتصفية الحسابات الطائفية مع أهل السنة، بل يجب أن يستهدف الإرهاب فقط». ودعا السيد الصدر المالكي إلى «إحالة مثل هذه الأمور إلى البرلمان للتصويت عليها قبل الإقدام على قرار تفردي، فقد يندم عليه الجميع».
ومع أنه أرسل آلافا من جنوده، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى الأنبار ذات الغالبية السنية، إلا أن المستهدف بالمعركة هم منافسوه من الزعامات الشيعية؛ فالمالكي يعرف أن حظه في الفوز شبه ضعيف في الانتخابات التي يفترض أن تجري في أنحاء العراق بعد نحو ثلاثة أشهر، ويعتقد أن حظه من خلال التصعيد الطائفي أفضل بتخويف الناخبين الشيعة للتصويت الانتقامي لصالحه.
أحد القادة العراقيين الشيعة التقيته قبل فترة قريبة، هو من نبهني إلى أن المالكي مستعد لإشعال حرب طائفية بحثا عن حجة للتكسب الانتخابي، ويخشى أن يقود البلاد إلى ما هو أسوأ، وقال لا يستبعد.. إذا شعر المالكي أن ذلك لن يكفيه للفوز فقد يلجأ إلى تعطيل العملية الانتخابية البرلمانية برمتها، بحجة محاربة الإرهاب، والتمديد لنفسه عامين آخرين.
لقد فشل المالكي في إدارة العراق، أمنيا وسياسيا وتنمويا، على الرغم من أنه حصل على امتيازات بعضها جعلته فوق القانون وفوق المحاسبة. هذا الرجل لم يعط الشعب العراقي، شيعته وسنته وبقية فئاته، شيئا يمكن أن ينتخبوه على أساسه. أفرغ الحكومة من وزرائها، وتولى معظم المناصب، وهمش دور البرلمان الرقابي، وهيمن على مؤسسات يفترض أنها مستقلة ورقابية، وشاع الفساد بين كبار موظفيه، وانتهى المواطن العراقي بلا أمن أو أمل في مستقبل أفضل.