عبد الرحمن الراشد
كانت تعليقات العديد من الاجانب، والمهتمين الآخرين، انهم فوجئوا بقدرة السلطات المصرية على فض الاعتصام، وبسرعة انهيار دفاعات وتحصينات الاخوان المسلمين، بعد أن رفعوا توقعات العالم بقدرتهم على الصمود، واستضافوا، لهذا الغرض، قنوات تلفزيونية دولية ليشهدوا المواجهة المتوقعة! لم تكمل هجمة الأمن المصري نهارا واحدا حتى أخرج كل معتصمي الإخوان في ميداني رابعة العدوية والنهضة، فهل كان وعيدهم، وتهديدهم، وإصرارهم، يستحق المواجهة والتحدي الخاسرين؟!
النتيجة أن الإخوان أصبحوا في وضع تفاوضي أضعف من الأمس، لأنه كان بامكانهم التفاوض على الانسحاب والآن لم يعد هناك ما يفاوضون عليه. هذه الاخطاء من فعل قياداتهم المتطرفة أمثال المرشد، وخيرت الشاطر، ومحمد البلتاجي، وعصام العريان الذين ورطوا أتباعهم عندما قادوهم إلى معركة خاسرة. اشبع العريان والبلتاجي، على الطريقة الإيرانية، وسائل الإعلام بتصريحاتهما المتوعدة بالويل والثبور، وان العالم سيشهد ما لم يشهد مثله من قبل!
لا أظن أن المصريين، حكومة وجيشا ونشطاء، كانت لديهم رغبة في إخراج الإخوان من الشوارع الميادين بالقوة، لكن يبدو أنها في مصر أصبحت معركة «كسر عظم»، معركة تحدٍ وكرامة على الجانبين. وقد بلغ العناد مرحلة لم يعد احد منهما على استعداد للتراجع حتى حدث ما حدث. امس كانت الهزيمة ثانية لقيادات الإخوان الذين فشلوا في إدارة المعركة السياسية طوال سنة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، ورغم الإشارات والتحذيرات فشل المرشد والشاطر وبقية القيادة في فهمها وأبعادها حتى اعلن عن عزل مرسي. ثم تكرر نفس الخطأ حيث فشلوا في إدارة الاعتصام والاستفادة منه سياسيا في حينه. لقد حجت الوفود اليهم ترجوهم القبول بحلول وسط لكنهم رفضوها. ردوا الوسطاء من سلفيين، ووطنين، وممثلي دول، بينها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والإمارات العربية المتحدة، وفضلوا المواجهة، وأخيرا طردوا من الميدانين في يوم واحد. مشكلة جماعة الإخوان هي في قيادتها القطبية المتطرفة التي أصرت على كل شيء، من إعادة مرسي للرئاسة إلى الإبقاء على الدستور الذي كتبوه!
ما كان ينبغي أن يموت أحد أمس، ولا أن تقع المواجهات، لكنه درس مؤلم آخر، علّنا نرى الجانبين يجربان العودة للعمل السياسي، بدل المواجهات الميدانية. فالاخوان، كحركة سياسية، تبقى ضمن ألوان الطيف المصري، الذي لم ينكر أحد من الفرقاء حقها في المشاركة في الحياة السياسية.