مريم والبغدادي السماء والأرض
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

مريم والبغدادي.. السماء والأرض

مريم والبغدادي.. السماء والأرض

 الجزائر اليوم -

مريم والبغدادي السماء والأرض

مأمون فندي

 يتصارع منطقتنا تياران أحدهما يجرنا إلى الخلف، والآخر يأخذنا إلى الأمام، تيار الحداثة وتيار التخلف.. أحدهما يرشدنا إلى بدائية الأرض والآخر سقفه السماء. وجاءت رمزية الرائد طيار الإماراتية مريم المنصوري، التي قصفت مواقع داعش بطائرتها الـ«F16» تجسيدا حيا لذلك الصراع الأزلي بين التقدم والتخلف، وبين الخير والشر. طارت الفتاة الإماراتية إلى السماء وبقي أبو بكر البغدادي وجماعته ضحية الأفكار الترابية في الأرض. كُتب الكثير عن مريم المنصوري في الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي، التي أصبحت سياسية بحتة لا اجتماعية البتة. كُتب عنها قدح ومدح.. مدح من تيار الحداثة والتقدم، وقدح من الجماعات الترابية التي تتدثر برداء التخلف وتسميه زورا دينا، ربما دين هذه الجماعات بمعنى عقيدتها التي لا علاقة لها بالدين الإسلامي كما يعرفه جمهور المسلمين بكل طوائفهم ومذاهبهم.

مريم المنصوري لم تعد شخصا، بل أصبحت رمزية لفئة من العرب تريد أن تحلق في السماء في صراع مع فئة أخرى تشدنا إلى الأرض. مريم ليست قادمة من السويد، فهي فتاة إماراتية بنت القبيلة، وبنت الدولة الإماراتية المحافظة، وهنا تكمن معاني الرمزية، أي أن القبيلة والمحافظة التي قد يحلو للبعض أن يرميها بالرجعية، قادرة وقابلة للتطور والتكيف مع معطيات العصر، فالقبيلة ليست كلا لا يتجزأ، وليست كتلة صماء خالية من دينامكية الحياة، ففي القبيلة قيم تدفع إلى التقدم والتكيف، وفي حالة المرأة تؤمن لها الحماية اللازمة، فكون مريم فتاة قبلية جعل لها تلك الميزة التي تحميها من جور ذئاب التخلف.

دائما ما يلفت نظري عند زيارة الإمارات ذلك التوازن بين قيم الحداثة والأصالة، حيث ترى في دبي أو أبو ظبي عائلة إماراتية شابة تمشي على شاطئ الخليج بلباس تقليدي محتشم، ولا يضيرها أن من حولها من الأسر جاءت من ثقافات مختلفة، تلبس بطريقتها وحسب ثقافتها وقيمها، ولا صراع ثقافات هناك بقدر ما هو تعايش فيه اتزان وحكمة ورضا بالنفس وعلاقتها بالآخر، في ثقة حضارية يحسد الإماراتيون عليها. مريم المنصوري هي نتيجة لهذا التوازن الحضاري الذي توصلت إليه المعادلة الإماراتية متناهية الدقة.

دولة الإمارات اليوم بمجملها تشبه مريم المنصوري، أو أن مريم تشبه الإمارات، بمعنى أن الإمارات أصبحت رمزية لتوازن قيم الحداثة، وكذلك التحديث المستمر مع المحافظة على الأصالة التي تدفعنا للتقدم، لا الأصالة التي تجرنا إلى الخلف، فلا أصالة في التخلف والجمود، فالأصل هو الحركة والتكيف والتقدم لاستمرار الحياة بمجملها واستمرار الكيانات السياسية والدول.

لا فرق أن تسمع الشيخ عبد الله بن زايد في جلسة مجلس الأمن أو من على منصة الجمعية العامة طارحا تصور الإمارات لسياستها الخارجية، ورؤيتها لسبل إرساء الاستقرار في المنطقة، وبين مريم المنصوري، وبين مشروع الإمارات لاقتحام الفضاء أو تجارب التنمية والطاقة المتجددة في دولة نفطية، كلها مكونات رؤية متكاملة.

تدريجيا يمنح الإماراتيون بقية العرب واحة للحداثة، وبقعة ضوء في منطقة بدأت تنطلق فيها تيارات الظلام وأحيانا تسيطر.

في هذا الجو تقدم أبوظبي ومعها دبي واحات للإبداع البشري، حيث لم يعد شباب وشابات العرب يذهبون إلى الغرب لتحقيق أحلامهم، فكثير منهم ومنهن اليوم يرى في الإمارات تلك المساحة التي تحقق لهم أحلامهم، كذلك كثيرون ممن أعرفهم وعملوا في الغرب، ويريدون العودة إلى مكان يقدم لهم ولأولادهم تجربة أقرب إلى الحياة الغربية في سياق حضاري عربي، يسمح لأبنائهم بتعلم لغتهم العربية، ويمنحهم القيم الإسلامية المعتدلة نجد الإمارات هي مقصدهم.

المثير في التجربة الإماراتية التي تعتبر اليوم بوتقة تجارب لتعايش الأصالة مع قيم الحداثة، وفيها أيضا كل رمزيات الصراع الحضاري بين التحديث والتخلف ومعركتهما في صورتها المصغرة (ميكركوزم)، أنها تجربة لا تدعي الكمال، ولا تبالغ بطاووسية في أهمية ما تفعله، بل يعمل الإماراتيون في هدوء ويحققون نتائج دونما صخب.

أعتقد أن العرب جميعا لديهم أسهم حقيقة في التجربة الإماراتية ويجب أن يحافظوا على نجاحها، لأن في نجاح التجربة الإماراتية نجاحا عربيا عاما.

رمزية مريم المنصوري المحلقة في السماء كفتاة عربية هي ذاتها رمزية النموذج الإماراتي. نموذج يخطو بثقة دونما غرور إلى الإمام، ويواجه قوى التخلف بحزم. ما قامت به الإمارات تجاه تيار الإخوان المتطرف هو ذاته ما قامت به مريم ضد جماعة البغدادي و«داعش».

للأسف بيتنا الإمارات تواجه بوضوح تيار التخلف. لدينا دول عربية تجد رمزياتها في إيواء الجماعات المتطرفة بدعوى التنوع الثقافي، ومن استمع إلى كلمة قطر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يدرك الفارق بين قوة الدولة الخيرة، والدولة التي لا تأبى إلا أن تداعب الشر كنوع من المناكفة والنكاية بالمحيط الإقليمي.

طائرة مريم كانت واضحة في انطلاقها من الأرض وتحديد هدفها، فالطائرات المقاتلة تطير بهدف وتعود إلى هدف، لا مجال للعبث حيث يكون الخطأ قاتلا. الدقة المتناهية في الحسابات والتوازنات هي رمزيات مريم وطائرتها، وكذلك الإمارات كنموذج مغاير للنمو والتقدم في منطقتنا، ومن مصلحة العرب جميعا الحفاظ على هذا النموذج المضيء.

بين «داعش» ومريم فارق الأرض والسماء، وبين الخلافة التي يريد إقامتها البغدادي ونموذج الاتحاد الإماراتي كنموذج حكم أيضا كالفارق بين الثرى والثريا، وبين الأرض والسماء.

رمزيات مريم وطائرتها رمزيات مفتوحة للتفسير، وأعتقد أن كثيرا من شباب وشابات العرب سيتأملون التجربة ويرون فيها الكثير مما لم أشر إليه هنا في هذا المقال القصير، فالأساس في هذا المقال ليس ما قلته وإنما ما لم أقله، وتلك الآفاق المفتوحة لتأمل صراع التقدم والتخلف الذي هو في الأساس ليس صراعا إماراتيا بقدر ما هو صراع على روح الثقافة العربية ونوعية العروبة التي نريدها.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مريم والبغدادي السماء والأرض مريم والبغدادي السماء والأرض



GMT 20:07 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

طالبان وإيران حلفاء أم أعداء؟

GMT 20:01 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

مجرداً من عصاه

GMT 19:57 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

إيران وجناحاها التالفان

GMT 19:52 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

هل يعامل إبراهيم رئيسي مثل عمر البشير؟

GMT 19:47 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

GMT 19:43 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

سيطرة طالبان على أفغانستان تقلق إيران!

GMT 17:54 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

ولكن رئيس رئيسي لا يمد يده!

GMT 06:39 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

هل التوافق ممكن بين الدين والعلم؟

GMT 01:49 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نيكول سابا تُشارك في مسلسل "مذكرات عشيقة سابقة"

GMT 02:21 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيسة وزراء رومانيا تبدأ زيارة رسمية إلى سلطنة عمان

GMT 08:13 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

23 صورة من إطلالات النجوم في مهرجان القاهرة السينمائي

GMT 01:04 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

"روندا" مدينة فوق الصخور وروح الأندلس في إسبانيا

GMT 18:53 2021 الثلاثاء ,04 أيار / مايو

تعرف على أسعار كيا سبورتاج 2021 فى الإمارات

GMT 19:39 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

الأميركي بريسون ديشامبو يتقدم في "السباق إلى غولف دبي"

GMT 02:42 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

"العرب اليوم" يكشف عن مطربي حفلات رأس السنة 2019

GMT 07:23 2018 الجمعة ,06 تموز / يوليو

تعرف على كيفية أداء صلاة خسوف القمر

GMT 07:43 2018 الجمعة ,11 أيار / مايو

أفضل 10 أماكن لقضاء العطلة الصيفية في فرنسا
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria