الولايات المتحدة بلد حرية الصحافة منذ تأسيسها، والرئيس الأميركي الثالث توماس جيفرسون كتب لصديق عام 1787: «لو ترك لي أن أختار بين حكومة من دون صحف أو صحف من دون حكومة لاخترت من دون تردد العرض الثاني».
جيفرسون أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة التي نالت استقلالها عن بريطانيا في 1776، وحرية الصحافة فيها يضمنها الدستور والممارسة اليومية. ثم جاء دونالد ترامب ليتّهم الصحافة بالكذب والتزوير وأنها «عدو الشعب».
صحيفة «بوسطن غلوب» طلبت من الصحف الأخرى أن تكتب مدافعة عن حرية الصحافة الأميركية، ولقي مقالها تجاوباً جيداً، فقد دافعت عن حرية الصحافة أكثر من 350 جريدة في طول الولايات المتحدة وعرضها.
كان رد الرئيس ترامب أن انتقد الجريدة وقال إن جون هنري اشتراها بدولار واحد. هنري اشترى الجريدة ومواقعها الإلكترونية وأعمالها الأخرى بسبعين مليون دولار عام 2013.
«بوسطن غلوب» طلبت من صحف أميركا الدفاع عن حرية الصحافة وقالت في افتتاحية إن صحافة تديرها الدولة هي أول خيار لنظام فاسد في أي بلد. والآن في الولايات المتحدة، هناك رئيس يهاجم الصحف التي لا تنتصر له ويتهمها بالفساد وخيانة الشعب.
سأختار اليوم بعضاً مما نشرت صحف أميركا دفاعاً عن حرية الصحافة تجاوباً مع طلب «بوسطن غلوب».
- أشارت جريدة «أريزونا ديلي ستار» الى أن الصحافة ليست عدو الشعب وأن التعديل الأول للدستور يضمن حريتها.
- في كاليفورنيا، ردت صحف عدة على الرئيس، ومنها «كوتشيلا فالي إندبندنت» التي أكدت أن الصحف ليست كلها من نوع واحد بل تمثل الناس من الليبرالي حتى المحافظ المتشدد، وكل منها يتعامل مع الناس الذين يمثلهم لأن «الناس أجناس» كما نقول في لبنان.
- في كونتكت، تساءلت جريدة «هارتفورد كورانت»: هل هذا حقاً هو شكل العدو؟ نحن نصعد على درج قديم في الساعة السابعة مساء لاجتماعات تحرير ونكتب مقالات ثم نعود الى مثلها في اليوم التالي... هذا ليس عداء للشعب.
- في فلوريدا، قالت «ميامي هيرالد» إن جميع المواطنين لهم حصة من هذا النزاع (بين الرئيس والميديا)، وإذا كان صحيحاً أن الصحافة عدو الشعب فماذا يمنع أن يهاجم أحدهم أصدقاءك أو أسرتك أو أنت شخصياً.
- في إلينوي، قالت «الديلي هيرالد»: إذا كانت الميديا تعامل باحتقار والصوت المحترم الوحيد هو للذي على رأس الإدارة، فإن المُثل التي ضحّى من أجلها ناس كثيرون والتي أصبحت منارة للعالم كله يحتذي بها كل مَن يريد الديموقراطية... ستضيع.
- في إنديانا، رأت جريدة «كوميرشال ريفيو» أن هناك شعوراً لا يهتز هو مواجهة البلاد مصيرها، فإما أن نعود الى المبادئ التي أسست عليها الولايات المتحدة أو نقفز الى الأعماق....
- في ماريلاند، أكدت جريدة «هب سيتي بوست» أن محرريها سيعززون عمل الناس في المنطقة، وسنقول الحقيقة عن هؤلاء الناس، الخطأ والصواب، فهذا ما سنقدمه للقراء.
- في نيوجيرسي، دعت جريدة «جيرسي جورنال» الأميركيين الى عدم قبول (أو تحمل) الجهود التي ترمي الى تهديد الصحافة الحرة، «نحن نعتقد أن الهجوم على الصحافة خطوة خاطئة أخرى قد تهدد أسس الديموقراطية (الأميركية)».
- في نيويورك، رجت «نيويورك تايمز» القارئ أن يشترك في جريدته المحلية وأن يمدحها إذا شعر بأنها قامت بمهمة جيدة، وأن ينتقدها إذا شعر بأنها كانت تستطيع أن تكتب في شكل أفضل. «مَن سيشير الى المشاكل التي نواجهها كل يوم إذا لم توجد الصحافة لنشر الأخبار عنها؟ مَن سيحاسب الحكومة على الفساد والعجز والقرارات الخاطئة؟ هل تعتقدون أن صحافة تسيّرها الدولة ستقول الحقيقة عن أي موضوع»؟
ما سبق نماذج من مئات الصحف الأميركية التي انتصرت لحرية الصحافة في وجه حملات الرئيس دونالد ترامب.