رحيل سليماني وارتباك المخططات الإيرانية
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

رحيل سليماني وارتباك المخططات الإيرانية

رحيل سليماني وارتباك المخططات الإيرانية

 الجزائر اليوم -

رحيل سليماني وارتباك المخططات الإيرانية

أمير طاهري
أمير طاهري

في الوقت الذي تتزاحم فيه تكهنات المحللين وصناع السياسات بشأن التدابير التي ربما تتخذها حكومة الملالي الإيرانية أخذاً بثأر قتيلهم العزيز على قلوبهم، فإن التساؤل الحقيقي الأولي بمزيد من التفكير يكمن في زاوية قَصِيّةٍ تماماً.

والتساؤل هو: ما تداعيات مقتل سليماني على صراع السلطة المحتدم داخل أروقة الحكم والسياسة في طهران، وهو الأمر الذي من المؤكد أن تُستأنف مجرياته وفعالياته بصورة أكثر اشتعالاً في الآونة المقبلة داخل إيران؟

تحاول ماكينات الدعاية والإعلام الإيرانية الموجهة تسويق صورة سليماني على أنه الرجل ذو القدرات الخارقة الذي - وبمفرده - قد تمكن من سحب العراق وسوريا ولبنان وغزة وبضعة أجزاء من أفغانستان مع اليمن تحت العباءة الإيرانية المهيبة، مع نجاحه الباهر منقطع النظير في طرد الأميركيين مهرولين خارج حدود الشرق الأوسط الكبير، فضلاً عن سحقه القوي الشديد لخلافة «داعش» المزعومة التي تجرأت في محاولة منابزة الجمهورية الإسلامية الفتية في طهران! ولم يدّخر سليماني نفسه جهداً ولا طاقة في الترويج لنفسه ولتعزيز تلك الصورة في مخيلة مريديه، متلقياً إثر ذلك كثيراً من الزخم الإعلامي الغربي، لا سيما من الولايات المتحدة، ومن إسرائيل، التي اعتمدت في طرحها الإعلامي عن الرجل على ما عرضته طهران وإعلامها من بضاعة مزجاة.

بيد أن حقائق الواقع تطرح، رغم ذلك، صورة مغايرة تماماً عن الجنرال الإيراني الراحل. انضم قاسم سليماني إلى صفوف الثورة الإسلامية الإيرانية بدءاً من عام 1980 وكان عمره وقتذاك لا يجاوز 27 عاماً، في وقت كان فيه ملالي إيران منشغلين تماماً بتشكيل كتائب وألوية «الحرس الثوري» الجديد المعني بالحماية والدفاع عن ثورتهم الناشئة ونظام الحكم الوليد. وبعد ذلك ببضعة أشهر قليلة، تحرك جيش الدهماء المهلهل، الذي كان سليماني من جنوده الحدثاء، في مهمة مساندة الجيش الإيراني النظامي الذي تمزقت أوصاله في قتال القوات العراقية الغازية على حدود البلاد الغربية. وضمن 8 آلاف من الضباط وصف الضباط من مقاتلي الجيش الإيراني الوطني الذين زج بهم الخميني في تلك الحرب الضروس، تهيأت أولى فرص التسلق السريع لأشخاص على شاكلة قاسم سليماني، الذين انخرطوا في صفوف الجيش من دون تدريب أو تأهيل مناسب مع الطفيف من التعليم الرسمي وربما من دونه على الإطلاق. ومن ثم، وفي غضون ثلاث سنوات فحسب منذ انضمامه لصفوف «الحرس الثوري» الجديد، وجد الشاب اليافع سليماني نفسه قائداً لفرقة من المجندين الجدد. وكابدت القوات الإيرانية تحت قيادته ثلاثاً من أكبر الهزائم العسكرية المهينة في عمليات حملت أسماء «الفجر الثامن»، و«كربلاء الأولى»، و«كربلاء الثانية»، على التوالي. ويصف محسن رضائي، قائد «الحرس الثوري» الإيراني آنذاك، المعارك المزرية الثلاث بأنها سلسلة من الكوارث العسكرية الشديدة التي شهدتها القوات الإيرانية في تلك الحرب.

ومع ذلك، فإن قاسم سليماني، الذي كان معنياً قبل كل شيء بمواصلة إظهار عبقريته الفذة وقدراته الذاتية الخارقة، سجل فوزاً نوعياً - وربما مستداماً - عندما ألحق نفسه بحاشية الملا علي خامنئي، الذي كانت دلائل الأمر الواقع تشير إلى توليه منصب المرشد الإيراني الأعلى في الجمهورية الإسلامية.

وبدأ خامنئي حياته السياسية في منصب نائب وزير دفاع الجمهورية الإسلامية، وارتقى الدرجات سريعاً ليجري ترشيحه لتولي منصب رئيس الجمهورية الإسلامية، في حين أن قاسم سليماني، الذي لطالما وصفه نقّاده بـ«حامل حقيبة الملا»، لم يكن يُشاهد إلا بجانب علي خامنئي أينما حلّ أو ارتحل. وبحلول تسعينات القرن الماضي؛ أي في الآونة التي مهد فيها خامنئي الأجواء لنفسه على أنه صاحب الكلمة الوحيدة في تقرير مصير الأمة الإيرانية، اغتنم الداهية سليماني كل الفرص السانحة لتأمين موطئ قدم راسخة ضمن الزمرة الخامنئية الجديدة.
وجاء دور سليماني البارز المنتظر إثر صياغة مشروع جديد معني بتصدير الثورة الإيرانية الإسلامية إلى بلدان إسلامية أخرى. وبادئ ذي بدء، ولشرعنة المشروع الإيراني الجديد، جرى اعتبار تصدير الثورة الإسلامية أحد الواجبات الدينية المقدسة المنصوص عليها صراحة في دستور النظام الإيراني. ومع إيلاء أهمية قصوى للدعاية وإعادة تنظيم صفوف المتعاطفين مع الثورة الإسلامية في مختلف البلدان العربية المجاورة من خلال تنظيم جديد يحمل اسم «حزب الله»، أوكلت تلك المهمة إلى مكتب خاص ضمن دهاليز الخارجية الإيرانية تحت رئاسة آية الله هادي خسروشاهين. وإثر الضغوط المركزة التي مارسها سليماني جرى نقل التكليف بالمهمة من وزارة الخارجية إلى صفوف «الحرس الثوري» الإسلامي. ولكن حتى ذلك الوقت، لم يتمكن سليماني من حيازة المنصب الرفيع الذي كان يتوق إليه، وإنما تولاه العقيد إسماعيل قاآني، وهو الرجل الذي يخلف قاسم سليماني الآن على قيادة «فيلق القدس» في «الحرس الثوري». فكانت الخطوة التالية اللازمة من جانب سليماني تتمثل في إزاحة إسماعيل قاآني عن الصورة وتأمين المنصب الرفيع لنفسه، ليتولى العقيد قاآني منصب نائب القائد منذ ذلك الحين! وحتى هذه الخطوة لم تكن لترضي نهم سليماني المطلق للسلطة والنفوذ، الذي كانت «تعشش» في مخيلته أحلام طموحات كبرى. وبما أنه كان عضواً بارزاً ذا سطوة ضمن تراتب السلطة والقيادة في صفوف «الحرس الثوري» الإسلامي، فقد تعين عليه، رغم ذلك، طاعة أوامر كبار القادة الذين كان يزدريهم أيما ازدراء.
وبفضل دعم علي خامنئي وتأييده له، تمكن سليماني من تأمين إقطاعية سلطوية لنفسه تمثلت في «فيلق القدس» الذي - رغم أنه جزء لا يتجزأ من قيادة «الحرس الثوري» الإيراني - استقل بميزانيته الخاصة، وتراتبه القيادي الخاص، ولا يتلقى قائده أوامره إلا من قبل المرشد شخصياً دون غيره.
وبعد ذلك، انتقل سليماني إلى بسط سيطرته على سياسات طهران الخارجية فيما يتعلق بملفات ذات أهمية قصوى: البلدان العربية، وأفغانستان، وكوريا الشمالية، وأميركا الجنوبية، وكذلك روسيا، فيما يتصل ببعض الزوايا السياسية ذات الحساسية. ومنذ ذلك الحين، لم يسبق لأي من رؤساء الجمهورية الإسلامية ولا وزراء خارجيتها أن تمكنوا من إجراء محادثات مباشرة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كمثل ما كان يفعل قاسم سليماني.
وصار من المعتاد لدى قاسم سليماني أن يدلي برأيه النافذ في اختيار سفراء الجمهورية الإسلامية إلى عواصم عربية ذات أهمية مثل بغداد، ودمشق، وبيروت، والدوحة، وغيرها من العواصم العربية الأخرى.
وجاء عرض دراماتيكي باهر لمدى الاستقلال والنفوذ الواسع الذي يملكه قاسم سليماني في إيران عندما سمح بدخول الرئيس السوري بشار الأسد إلى العاصمة طهران على متن طائرة خاصة من دون مجرد إبلاغ الحكومة الإيرانية أو رئيسها حسن روحاني ناهيكم بوزير خارجيتها الذي لم يكن من بين الحاضرين حال لقاء الرئيس السوري مع المرشد الإيراني!
وأصر سليماني، المهووس بالحكم والسيطرة، على اتخاذ القرار بنفسه حتى في أدنى المسائل أو أدق التفاصيل. ففي مقابلة شخصية - تعدّ الأخيرة - أجريت معه في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، تحدث الجنرال سليماني حول أن حسن نصر الله، زعيم الفرع اللبناني من «حزب الله»، لا يتخذ من قرار أو يخطو من خطوة إلا بمراجعة وموافقة قاسم سليماني بنفسه.
وفي داخل إيران، تمكن سليماني من تكوين دولة داخل الدولة. ووفقاً لبيانات مكتب الجمارك الإسلامي، يسيطر «فيلق القدس» وحده على 25 رصيفاً بحرياً - داخل أكبر خمسة موانئ إيرانية - مخصصة لواردات وصادرات «الفيلق» دون غيره، ومن دون أي تدخل يُذكر من جانب السلطات الإيرانية المختصة. وهناك ضريبة بنسبة خاصة مفروضة على واردات السيارات الأجنبية لصالح صندوق خاص تحت سيطرة «فيلق القدس» من أجل تغطية نفقات العمليات الجارية في العراق وسوريا ولبنان فضلاً عن مساندة الجماعات الفلسطينية الموالية لإيران.
وكان سليماني يملك شبكة خاصة من جماعات الضغط في كثير من البلدان العربية وبعض من الديمقراطيات الغربية كذلك. ولقد التحق المئات من المتشددين الإيرانيين والعرب بكثير من الجامعات والكليات الغربية بمنح دراسية مباشرة من «فيلق القدس» الإيراني.
كما تمكن «الفيلق» من تسجيل مساحات شاسعة من الأراضي العامة تحت ملكيته، زاعماً الحاجة الماسة إلى تأمين المساكن لأفراد «الفيلق» في المستقبل. وتدير قيادة «الفيلق» أيضاً أكثر من 20 شركة ومصرفاً مع كثير من خطوط الشحن وشركة للطيران.
ولم يكن قاسم سليماني، الذي كان عاشقاً لالتقاط الصور الذاتية (السيلفي) مع رجاله بالقرب من مختلف ساحات القتال في الشرق الأوسط، حاضراً بنفسه مطلقاً في أي ميدان من ميادين القتال المشتعلة، وكان يفضل دائماً الحضور والظهور بعد هدوء الأوضاع واستقرارها لالتقاط الصور التذكارية والإنعام بالفضل والإحسان على المقاتلين الموالين!
وحصل سليماني، المولع بالترويج لنفسه، على رتبة اللواء من دون ارتقاء سلم التسلسل القيادي العسكري المعتاد على غرار القادة الـ12 الآخرين في السلطة (ولقد ترقى إلى رتبة الفريق بعد مقتله مباشرة).
يعتقد بعض المحللين في طهران أن خامنئي كان يعتزم الترويج لترشيح قاسم سليماني لتولي منصب رئيس الجمهورية الإسلامية في عام 2021، ولقد بدأت حملة الترويج لذلك الأمر في العام الماضي مع التسويق لصورة قاسم سليماني على أنه «القائد الصوفي»، وهي الصفة التي كانت تُمنح لملوك الدولة الصفوية في القرن السادس عشر. كما شرعت لجنة من الإيرانيين في ولاية فلوريدا في تنظيم حملات لتأييد ترشيح سليماني لرئاسة إيران.
فإن كانت تلك هي الخطة التي كان خامنئي يعتزم فرضها، فما من شك في أن رحيل سليماني المفاجئ سوف يسفر عن مزيد من انعدام اليقين فيما يتعلق بمسار السياسات الإيرانية في المستقبل المنظور.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رحيل سليماني وارتباك المخططات الإيرانية رحيل سليماني وارتباك المخططات الإيرانية



GMT 20:07 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

طالبان وإيران حلفاء أم أعداء؟

GMT 20:01 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

مجرداً من عصاه

GMT 19:57 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

إيران وجناحاها التالفان

GMT 19:52 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

هل يعامل إبراهيم رئيسي مثل عمر البشير؟

GMT 19:47 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

GMT 13:28 2020 السبت ,02 أيار / مايو

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 11:37 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 21

GMT 06:44 2015 الثلاثاء ,29 أيلول / سبتمبر

نجاح محمد الصيعري مع فريق "هجر" يحرج إدارة "الاتحاد"

GMT 18:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

دينا الشربيني تتحدث عن حياتها الشخصية مع غادة عادل

GMT 06:33 2016 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

تحديثات كبيرة على "تويوتا" راف 4 الهجين

GMT 01:21 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب وبوتين يتفقان على استبعاد الحل العسكري في سورية

GMT 02:39 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو الدنين يكشف عن إكسسوارات مميّزة في أستديو "الخزانة"

GMT 10:29 2017 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

رومانسية سمية الخشاب وأحمد سعد في جلسة تصوير الزفاف

GMT 02:46 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية تمنع حفلة شيرين عبدالوهاب في الرياض

GMT 08:52 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

تقييم لأرجوحة سوبرفلكس التي عُرضت في متحف تايت مودرن

GMT 05:18 2017 الأربعاء ,20 أيلول / سبتمبر

تجديد سجن الفنان السوري مصطفى الخاني في دمشق

GMT 03:51 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

"فرزاتشي Versaci" تطلق مجموعتها الجديدة لعام 2017
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria