لماذا تونس رغم كلّ شيء
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

لماذا تونس... رغم كلّ شيء؟

لماذا تونس... رغم كلّ شيء؟

 الجزائر اليوم -

لماذا تونس رغم كلّ شيء

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

قاتلٌ هو الشعور بانعدام الأمل وبأنّ التغيير مستحيل مهما فعل طالبوه. هذا هو الوضع العربيّ في يومنا الراهن. فإذ تتوالى مناسبات الذكرى العاشرة لثورات «الربيع العربيّ» ولهزائمها، ينتشر على امتداد المنطقة ما يشبه الوعي القدريّ المستسلم: محكومٌ علينا سلفاً أن نبقى على ما نحن عليه. صغار السنّ يقولون هذا، والأكبر سنّاً يهزّون رؤوسهم موافقين.
الأفرو أميركيّون في الولايات المتّحدة استولى عليهم طويلاً إحساس محبَط كهذا: ما دامت وجوهنا سوداء فإنّنا سوف نبقى حيث نحن. هذا الإحساس لم يبدأ بالتغيّر حتّى ستينات القرن الماضي، مع الإنجازات التي حقّقتها حركة «الحقوق المدنيّة» بقيادة مارتن لوثر كينغ. قبل ذاك، تراءى لبعضهم أنّ الحلّ الوحيد هو الهجرة من أميركا «البيضاء» إلى أفريقيا «السوداء»، أي تغيير مسرح الفعل قبل الرهان على أيّ فعل. هذا كان الغرض الأصليّ من نشوء دولة ليبيريا كمستوطنة ينتقل إليها السود الأميركيّون. ماركوس غارفي و«الراستافاريّون» قالوا أيضاً بـ«العودة إلى أفريقيا»، إلى حيث «جذورنا».
يهود أوروبا عرفوا تجربة مشابهة وإن كانت أقسى: تحرير الثورة الفرنسيّة لهم لم يمنع تعرّضهم للاساميّة إبّان «قضيّة درايفوس» بعد قرن ونيّف على الانعتاق الأوّل. رهان مثقّفيهم على الحركات الاشتراكيّة والشيوعيّة طريقاً إلى مساواة راديكاليّة لم يحل دون اللاساميّة الستالينيّة. اندماجهم في ألمانيا، الذي فاق كلّ اندماج يهوديّ في أوروبا، كوفئ بصعود النازيّة ومحارق الغاز. حتّى في الولايات المتّحدة، استهدفت المكارثيّة مثقّفيهم وسينمائيّيهم الذين صنعوا، في هوليوود، صورة أميركا عن نفسها.
الحركة الصهيونيّة أيضاً قالت إنّ الحلّ يكمن في الهجرة إلى فلسطين. في بداياتها كانت ضعيفة جدّاً. كان من الصعب أن تعثر على مدينة أوروبيّة تعقد فيها مؤتمرها التأسيسيّ. لكنّها راحت تقوى في موازاة المآسي الكثيرة التي نزلت باليهود.
في حالة الأفرو أميركيّين، وخصوصاً في حالة اليهود الأوروبيّين، يقيم شيء من أسطورة سيزيف: لقد عاقبه زيوس بجعله يرفع صخرة ضخمة إلى الجبل، فما أن يقترب من إيصالها حتّى تتدحرج هبوطاً. على هذا النحو تمضي الحياة حتّى الأبديّة. الوصول وإيصال الصخرة ممنوعان. الاستحالة هي الأفق الأوحد. الأمل لزوم ما لا يلزم.
التجربة تلك بالغة الكثافة تتعدّى المناسبات السياسيّة المألوفة أو دورات العنف التي تلازم صراع الجلّادين والضحايا. إنّها تخاطب الميل الأشدّ تشاؤماً في الوعي البشريّ من أنّ الإنسان شرّ محض، ومن أنّه «ليس بالإمكان أفضل ممّا كان». فنحن نستحق ما كُتب لنا، أمّا الفعل الإنسانيّ فلا يفعل شيئاً، بل الإنسانيّة نفسها لا يُرتجى خير منها. الغد ليس أفضل من اليوم، لكنّ الأمس هو الأفضل بإطلاق.
هكذا نفهم بعض أوجه الظاهرات التي نعيشها نتيجة الهزائم التي مُنيت بها الثورات العربيّة: نفهم، مثلاً، ظاهرة الهجرة واللجوء المليونيّين اختياراً لبلدان يُفترض أن تكون أشدّ اعترافاً بالفعل الإنسانيّ. نفهم أنّ البشر يمكنهم في تلك البلدان أن يؤثّروا ويغيّروا إذا فعلوا هذا أو فعلوا ذاك، وبأنّ الغد قابل لأن يكون مختلفاً عن اليوم، وأنّه بالتأكيد مختلف عن الأمس...
إنّ في هذا كلّه لجوءاً إلى حيث يُحتَرم سعي البشر، وإلى حيث تُحترم الحياة ذاتها بالتالي.
نفهم أيضاً، في هذا المناخ الكابوسيّ، ظاهرات كـ«داعش»، بوصفه التتويج الأعظم لفقدان الأمل بالبشر وبفعلهم الإنسانيّ. بوصفه إعلاناً عن عطالتنا في كلّ مكان وكلّ زمان. لقد ازدهر «داعش» في مناخ العفن الذي خلّفه اللجوء المليونيّ للسكّان مصحوباً بالموت والسجن والتبديد ممّا طال خيرة شبّان هذه المنطقة وشابّاتها.
واللبنانيّون اليوم بين أكثر شعوب الأرض معاناةً لحرقة هذا البؤس: يجثم فوقهم أحد أسوأ الأنظمة التي يمكن تخيّلها نهباً وفساداً وقلّة كفاءة وقلّة إحساس بينما الكارثة الإنسانيّة والاجتماعيّة التي تطحنهم غير مسبوقة في هذا البلد. مع هذا يلوح التغيير، أدنى تغيير، في حكم المستحيل.
وهذا، في عمومه، هديّة ثمينة لدعاة «الاستثناء العربيّ» ممّن قالوا مبكراً، وبألسنة متفاوتة في عنصريّتها، إنّ العرب والديمقراطيّة ضدّان لا يلتقيان.
تحت هذه الوطأة الثقيلة لا يعود نجاح التجربة التونسيّة أو فشلها مجرّد خبر سياسيّ. إنّها، إذا نجحت، كانت الاستثناء على الاستثناء والتخطئة لسائر الأحكام التي تقول إمّا عربٌ وإمّا ديمقراطيّة.
صحيح أنّ تونس تعاني الكثير من المصاعب التي يتصدّرها وضع اقتصاديّ بالغ السوء، يؤجّجه تردّي أحوال الاقتصاد في العالم. لكنّها، مع هذا، تبقى الفرصة الوحيدة الضيّقة التي لا تزال متاحة للعرب كي يقولوا إنّ في وسع أفعالهم أن تؤثّر، وإنّ الحياة على الأرض ليست أقلّ من الأرض نفسها: تدور ولا تقف.
فهل تنجح التجربة، رغم كلّ شيء، وهل تمنحنا صكّ براءة نحن في أمسّ الحاجة إليه كي نتأكّد ممّا يُفترض أنّه مؤكّد؟

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا تونس رغم كلّ شيء لماذا تونس رغم كلّ شيء



GMT 20:07 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

طالبان وإيران حلفاء أم أعداء؟

GMT 20:01 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

مجرداً من عصاه

GMT 19:57 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

إيران وجناحاها التالفان

GMT 19:52 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

هل يعامل إبراهيم رئيسي مثل عمر البشير؟

GMT 19:47 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

GMT 00:16 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

صيحة جديدة من مكياج "المونوكروم" لموسم خريف 2017

GMT 17:51 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

اختيار تامر شلتوت سفيرًا للسلام في مهرجان ابن بطوطة الدولي

GMT 14:53 2018 السبت ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعب سلة الأهلي يواصل برنامجه التأهيلي في الفريق

GMT 11:36 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 20

GMT 21:44 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

خطوات ترتيب المطبخ وتنظيمه بشكل أنيق

GMT 02:22 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مؤسسات لبنانية تستثمر في إنتاج 2.6 ميغاواط كهرباء من الشمس

GMT 09:16 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

الفراعنة أول من عرفوا السلم الموسيقي

GMT 08:31 2015 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

جامعة بيروجيا إحدى بوابات التعليم للأجانب في إيطاليا

GMT 13:16 2020 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

انطلاق تصوير الجزء الثاني من مسلسل عروس بيروت في تركيا

GMT 19:14 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

علي النمر يبدي سعادته بتحقيق فريقه الانتصار أمام الأهلي

GMT 21:26 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرَّف على أشهر وأفضل 10 مطاعم في تايلاند

GMT 02:15 2018 الأحد ,23 أيلول / سبتمبر

مستحضرات تجميل عليكِ وضعها في الثلاجة

GMT 10:41 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

أغنية Bella Ciao بشكل جديد بصوت جمهور عربى

GMT 15:32 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

تعليق رحلات طيران الاتحاد بين أبوظبي وطهران

GMT 18:44 2017 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

منتخب شابات الطائرة يخسر من الصين في بطولة العالم

GMT 07:40 2016 الإثنين ,08 شباط / فبراير

الكُنغر "روجرز" يُبهر الجماهير بعضلات بارزة

GMT 02:52 2017 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

دراسة تكشف أن ثمار المانجو تمنع أمراض القلب

GMT 17:59 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة رئيس جامعة تعز في اليمن من محاولة اغتيال
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria