غياب خير سفير لليمن
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

غياب خير سفير لليمن

غياب خير سفير لليمن

 الجزائر اليوم -

غياب خير سفير لليمن

خيرالله خيرالله

كان الصديق أحمد محمد المتوكل، الذي توفّاه الله عن عمر يناهز الخمسة وسبعين عاما ذلك الوجه اليمني المشرق الذي سيفتقده أصدقاؤه الكثر، خصوصا أولئك الذين عرفوه عن كثب. كان بالفعل خير سفير لليمن وكلّ ما له علاقة بهذا البلد العريق الذي يمرّ حاليا في أزمة عميقة يصعب تصوّر كيف سيخرج منها.

تعرّفت إلى أحمد المتوكل في بيروت عندما كان سفيرا للجمهورية العربية اليمنية، أي اليمن الشمالي قبل الوحدة. كان ذلك في منتصف ثمانينات القرن الماضي عندما كنت رئيسا للقسم العربي والدولي في صحيفة “النهار”. وجدت فيه سفيرا لليمن في لبنان وسفيرا للبنان في اليمن وحتّى خارج اليمن.

نمت صداقتنا وتعزّزت مع الوقت، خصوصا بعد زيارتي الأولى لصنعاء التي كانت بترتيب من الأستاذ أحمد، كما كنا نسمّيه. اختار السفير أحمد المتوكّل ثلاثة صحافيين لبنانيين للمشاركة في الاحتفال بإعادة بناء سدّ مأرب التاريخي. رافقت في تلك الرحلة الأستاذ طلال سلمان، صاحب جريدة “السفير” ورئيس تحريرها، والأستاذ حسن صبرا، صاحب “الشراع ورئيس تحريرها.

كان ذلك في أغسطس 1986. وكان الأستاذ أحمد السبب الذي أوقعني في غرام اليمن ومدينة صنعاء التي تعيش حاليا أيّاما صعبة ومحنة حقيقية. بالنسبة إليّ بقي أحمد المتوكّل يمثل صنعاء الجميلة. كان يمثّل الصداقات التي تبقى وتتحدّى الزمن.

كان سدّ مأرب، الذي أعاد بناءه على نفقته الخاصة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، عنوانا لبلد يبني نفسه ويتلمّس طريقه كي يكون في مصاف الدول التي تستطيع التقدّم على رغم كلّ الصعوبات القائمة، بما في ذلك قلّة الثروات البشرية والنموّ الكارثي للسكّان. أراد الشيخ زايد بنخوته العربية الأصيلة انتشال اليمن من الفقر والتخلّف وردم الهوة قدر المستطاع بينه وبين جيرانه. كانت إعادة سدّ مأرب بمثابة البداية.إلى ذلك، كان سدّ مأرب عنوانا للأمل باليمن حيث يحرث الإنسان الصخر ويبني منازل ومزارع وحقولا في أماكن لا يمكن للمرء أن يتخيّل أنّ في استطاعة اليمني الوصول إليها.

بفضل أحمد المتوكّل تعرّفت على حقيقة اليمن واليمنيين وعلى الحياة في صنعاء. صار اليمن في دمي، ذلك أنّ أحمد المتوكّل عرّفني على بعض الشخصيات اليمنية التي لا يمكن إلّا الإعجاب بها والتعلّم منها. كما عرّفني بأحلى ما في صنعاء. من بين الذين عرفّني إليهم شقيقه اللواء يحيى الذي لم يكن مجرّد سياسي يمني دمث، بل كان أكثر من ذلك بكثير، كونه كان يعرف اليمن وما يحيط باليمن عن ظهر قلب.

عبر أحمد المتوكّل تعرّفت على اليمن واليمنيين. فتح لي كلّ الأبواب. ولكن أكثر ما تعرّفت عليه، عبره، كان ذلك الإنسان الذي يعرف معنى الصداقة والوفاء.

طوال ثلاثين عاما، أي منذ العام 1985، بقي أحمد المتوكّل صديقا، هو وأفراد عائلته. كان يدخل بيتي في بيروت، قبل انتقالي إلى لندن، من دون استئذان. وكنت أدخل بيته في صنعاء من دون استئذان طبعا.

كان يسرّ إليّ بكل صغيرة وكبيرة. كان يخفي خلف مظهره البسيط وتواضعه الجمّ، هو الآتي من إحدى أكبر العائلات اليمنية، حسّا سياسيا مرهفا. غالبا ما ذكّرني بكلام كنت أقوله في جلسات القات في صنعاء. كان صريحا في تعليقاته وملاحظاته.

كان يقول لي في بعض الأحيان، من باب الصداقة والصراحة، إني بالغت ولم أكن موفّقا. وكان يقول لي في أحيان أخرى إنّي كنت مصيبا. توقّف طويلا في إحدى المرّات عند تعليق لي في جلسة قات. كان ذلك قبل أيّام من إعلان الوحدة اليمنية في مايو من العام 1990. تساءلت وقتذاك بصوت عال “ما الثمن الذي سيدفعه اليمن في مقابل الوحدة؟”. كان ردّ فعله أنّ سؤالي ليس بريئا، وراح يسألني عن خلفيات السؤال، فأجبته أنّ الوحدة لن تمرّ بسهولة وأن اليمن قد يكون مقبلا على أحداث كبيرة. أعاد تذكيري بالسؤال غبر مرّة، خصوصا بعد حرب صيف العام 1994. كان جوابي الدائم أنّه لم تكن لديّ معلومات بمقدار ما كان لديّ حدس.

في كلّ حياتي، لم أجد شخصا بوفاء أحمد المتوكل لأصدقائه وإخلاصه لهم. كانت طيبته المجبولة بالذكاء الفطري، من النوع الذي لا يتمتع به سوى الكبار الذين يمتلكون إرثا أخلاقيا وثقافيا وحضاريا ذا جذور عميقة. هذه الطيبة لم تمنعه من التفريق بين الأشخاص الذين كانوا يترددون على صنعاء ومعرفة خبايا ما يريدونه.

بغياب أحمد المتوكل، يغيب بالنسبة إليّ جزء من اليمن، البلد الذي قدّمني إليه ابن العائلة العريقة، الرجل الذي خدم بلده بكلّ إخلاص في كلّ موقع شغله، أكان ذلك

الموقع عسكريا أو مرتبطا بالعمل الديبلوماسي. ليس من عزاء لي يعوض ما خسرته في الرجل سوى معرفتي بالعائلة التي ربطتني بأفرادها علاقة عميقة صار عمرها يزيد على ربع قرن. لم أستطع يوما تذكّر المرحوم يحيى المتوكّل، إلّا وفي حلقي غصّة.

ربّما كان من الأفضل لأحمد المتوكل أن يغادرنا الآن حتّى لا يعيش ويرى ما يمرّ به اليمن هذه الأيّام. الموت رحمه. كان رجلا حساسا إلى حدّ كبير. كانت لديه دائما واقعية ليست بعدها واقعية. كان يقول الأشياء كما هي من دون لفّ أو دوران. كان يدرك تماما ماذا يعني العلم. بذل كلّ ما يستطيع كي يتعلّم أبناؤه، على رأسهم عبدالحميد. أتذكّر كم كانت فرحته كبيرة عندما ذهب ابنه عصام إلى الولايات المتحدة للالتحاق بإحدى جامعاتها.

جعلني أحمد المتوكّل أتعلّق باليمن. تعرّفت من خلاله إلى العائلة، إلى أبنائه وأبناء شقيقه على رأسهم محمد يحيى المتوكل وعلى الأقارب كالصديق حسين المتوكّل. أدخلني أحمد المتوكل إلى صنعاء حيث صار لديّ عشرات الأصدقاء، من طينة العميد علي الشاطر، رجل الوفاء والإخلاص والآدمية، الذي مهّد لأول حديث أجريته مع الرئيس، وقتذاك، علي عبدالله صالح في العام 1986.

مع رحيل أحمد المتوكّل، أتذكّر في كلّ وقت الرحلة الأولى إلى صنعاء. أتذكّر، بعد ذلك، أني كنت برفقته عندما كنت الصحافي العربي الوحيد الذي غطّى الاحتفال الذي جرى في عدن يوم الثاني والعشرين من مايو 1990، في مناسبة توقيع اتفاق الوحدة اليمنية.

كنت إلى جانبه في تلك الأيّام التي لا تنسى والتي رأيتفيها فصولا من التاريخ تتوالى بسرعة مذهلة. لم أتصوّر يوما أن اليمن يمكن أن يصل إلى ما وصل إليه.. لم أتصوّر أن القدر سيرحم أحمد المتوكل، لكنّه سيحرمنا منه. رحمه القدر لأنّه لن يرى الفصول الأخيرة البشعة من المأساة اليمنية المستمرّة..

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غياب خير سفير لليمن غياب خير سفير لليمن



GMT 20:07 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

طالبان وإيران حلفاء أم أعداء؟

GMT 20:01 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

مجرداً من عصاه

GMT 19:57 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

إيران وجناحاها التالفان

GMT 19:52 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

هل يعامل إبراهيم رئيسي مثل عمر البشير؟

GMT 19:47 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

GMT 19:43 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

سيطرة طالبان على أفغانستان تقلق إيران!

GMT 17:54 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

ولكن رئيس رئيسي لا يمد يده!

GMT 00:16 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

صيحة جديدة من مكياج "المونوكروم" لموسم خريف 2017

GMT 17:51 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

اختيار تامر شلتوت سفيرًا للسلام في مهرجان ابن بطوطة الدولي

GMT 14:53 2018 السبت ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعب سلة الأهلي يواصل برنامجه التأهيلي في الفريق

GMT 11:36 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 20

GMT 21:44 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

خطوات ترتيب المطبخ وتنظيمه بشكل أنيق

GMT 02:22 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مؤسسات لبنانية تستثمر في إنتاج 2.6 ميغاواط كهرباء من الشمس

GMT 09:16 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

الفراعنة أول من عرفوا السلم الموسيقي

GMT 08:31 2015 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

جامعة بيروجيا إحدى بوابات التعليم للأجانب في إيطاليا

GMT 13:16 2020 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

انطلاق تصوير الجزء الثاني من مسلسل عروس بيروت في تركيا

GMT 19:14 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

علي النمر يبدي سعادته بتحقيق فريقه الانتصار أمام الأهلي
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria