«صلوا على رسول الله، عليه الصلاة والسلام، وكل من له نبى يصلى عليه».
لاحظوا معى ما يلى من أمور:
أولاً: هذه الانتخابات ليس فيها تزوير أو تدخلات أمنية على نحو ما اعتدنا فى انتخابات ما بعد الثورة، وهذا يعنى أن الأمن قرر أن يتبنى استراتيجية «الحياد الإيجابى»، أى ألا يتدخل وألا يسمح لأى طرف بأن يتدخل فى إرادة الناخبين فى حدود ما استطاع أن يرصد.
ثانياً: الفرصة متاحة إجرائياً للجميع للترشح والانتخاب بحرية كافية.
ثالثاً: هناك إزاحة للنخبة التقليدية من الحزب الوطنى والإخوان، بما خلق مساحة أكبر لنخبة جديدة، مثلاً من بين 222 مقعداً تجرى الانتخابات عليها فى 14 محافظة، ولأول مرة فى تاريخ مصر، نجد أن مرشحين مسيحيين يصل عددهم إلى 24 قبطياً يمرون إلى انتخابات الإعادة، وهم بذلك أكبر بمرشح واحد عن الـ23 مرشحاً لحزب النور، وذلك فضلاً عن 11 سيدة يدخلن الإعادة على مقاعد الفردى.
ولنأخذ مثالاً آخر..
«جمهورية إمبابة»، معقل الجماعة الإسلامية، التى جسدت جبروت المنتمين للتيار الدينى العنيف فى مرحلة من المراحل، أصبح فيها ثمانية مرشحين فى الإعادة، منهم ثلاث سيدات وقبطى.
إذن هناك زيادة فى التصويت للفئات المعتاد تغييبها، وعلى رأس هؤلاء الـ24 مسيحياً المشار إليهم، وبالمناسبة منهم 10 فى المنيا يتنافسون فى الإعادة..
ويضاف إلى ذلك أن رُبع المنتمين للحزب الوطنى بأشخاصهم فقط هم من دخلوا الإعادة (نحو 80 شخصاً).
وهذا تطور نوعى لا يمكن إغفاله.
رابعاً: هذه الانتخابات فرصة جديدة للأحزاب كى تفصح عن فاعليتها، الأحزاب لها 50 بالمائة من مرشحى الإعادة، وغالباً سيشكل المنتمون للأحزاب أغلبية البرلمان القادم.. لكن المعضلة أن الالتزام الحزبى أصلاً ضعيف. وما نراه الآن أن الأحزاب تغرى الكتلة المستقلة من المرشحين بالانضمام لها.
خامساً: حزب النور ينزل من 91 مرشحاً إلى 23 مرشحاً فى الإعادة ومنهم 11 مرشحاً فى محافظة البحيرة وحدها، وسبع محافظات بلا أى مرشح فى الإعادة، وإذا لم تحدث مفاجآت سيفوز حزب النور بعدد من 8 إلى 13 مقعداً من مجموع 23 مقعداً فى جولة الإعادة.
إذن قدرة الحزب على الحشد تراجعت فى المرحلة الأولى ويتقلص تأثير الحزب تباعاً سواء بسبب التراجع العام فى تأييد الخطاب الدينى (سواء السياسى أو غير السياسى) أو حملات التحذير منه والدعاية المضادة له.
سادساً: الرئيس ليس له حزب رسمى ينتمى له، ولن يكون له حزب رسمى يقوده وفقاً للمادة 140 من الدستور التى تمنع على الرئيس أن ينتمى لحزب، هذا لن يمنع الرئيس من أن يكون له تحالف مؤيد له وداعم لسياساته، لكن عدم ترؤسه «الرسمى» لحزب بذاته، ومجهوده العلنى فى أن يبعد نفسه عن المتنافسين يرسل رسالة مهمة للقائمين على العملية الانتخابية بأنه يرفض تدخل أى جهاز من أجهزة الدولة فى توجيه الناخبين أو تزوير الانتخابات.
سابعاً: ستكون هناك مسئولية كبيرة على الرئيس فى الـ27 شخصاً الذين سيعينهم الرئيس (نصفهم من السيدات) فى أن نرى داخل البرلمان أسماء مستقلة سياسياً كى تعبر عن الرأى الآخر الذى اختفى من الانتخابات.
وغداً نناقش سلبيات هذه الانتخابات.
قولوا يا رب.