الرئيسى السيسى مهتم بالحجر أكثر من اهتمامه بالبشر.
الرئيس السيسى مهتم بالبنيان أكثر من اهتمامه بالإنسان.
الرئيس السيسى عامل زى اللى بيبنى لولاده مصنع وشركة ومطعم ومش مركز بنفس القدر على تعليمهم وتربيتهم وحسن أخلاقهم. هو «يتحدث»، مرة أخرى «يتحدث»، كثيراً فى الأخلاقيات وينتقد الإعلام ويتحدث عن الحاجة لثورة دينية وأهمية التعليم وأهمية تنظيم الأسرة، ولكنه «يتخذ قرارات»، مرة أخرى «يتخذ قرارات»، كثيرة مهمة فى ملفات تعبيد الطرق، وحفر القناة الجديدة، وتمرير قانون جديد للاستثمار، وغيرها من الأمور المهمة لكنها ليست الأهم. فى أمور بناء الشخصية المصرية، الرئيس السيسى يتبنى منطق العلاقات العامة (public policies) وإشهاد الناس على أنه قد أبلغ ثم يسكت، بل أحياناً فى أمور معينة يقول: «ومش عايز أتدخل». فى أمور بناء المشاريع الوطنية المصرية، الرئيس السيسى يتبنى منطق السياسات العامة (public policies)، يجتمع ويناقش ويعدل القوانين ويصدر الأوامر المحددة بالزمان والموازنة ويتابع شخصياً التنفيذ.
الأهم يا ريس.. بناء الإنسان وفقاً للحكمة القديمة: إحنا اللى بنعمل الفلوس مش الفلوس بتعملنا. قيل لى إن الرئيس أعجب بالفيديو الذى أذعناه فى لقائى مع المهندس إبراهيم محلب، وأذاعه التليفزيون المصرى، حول كيفية بناء قيادات كوريا الجنوبية لنهضتها بدءاً بالاهتمام بالتعليم وبناء الشخصية الكورية. لو صحت الرواية التى وصلتنى فأنا أقول للرئيس أنت لا تفعل ما فعلوه فى كوريا الجنوبية.
هناك اهتموا ببناء الإنسان: علماً وتربيةً وخلقاً وسلوكاً وجعلوا هذه القضية هى الأولى بالتقديم على ما دونها من قضايا. لو حدث زلزال مدمر فى كوريا الجنوبية الآن وجاء عاليها واطيها (لا قدر الله)، لن تكون أكثر من سنوات قليلة لتعود إلى ما كانت عليه لأن الإنسان الكورى قوى عفى جاهز قادر مستعد. لو حدث زلزال فى مصر جاب عاليها واطيها (لا قدر الله)، سيضيع كل ما نبنيه يا ريس فى عهدك، نحن نصلح الموتور ولكننا لا نبلغ سائق السيارة بأخطائه التى أدت إلى تدمير الموتور.
رئيس وزراء سنغافورة الراحل، لى كوان يو، قال: «لم يكن دورى أن أغير سنغافورة، كان دورى أن أغير الإنسان السنغافورى وهو يغير سنغافورة». وهذا هو ما فعله المصلحون فى كل مجتمعات الدنيا بدءاً من الأنبياء وصولاً إلى من قادوا الأمم وساسوا الشعوب.
هل نحن نعرف خصائص الإنسان المصرى الذى نريده بعد 10 سنوات من اليوم؟ لأ..
لكننا نعرف خصائص قناة السويس الجديدة طولاً وعرضاً وعمقاً. هل عملنا مؤتمراً اقتصادياً يحضر كل جلساته رئيس الجمهورية حول «بناء الشخصية المصرية» مثلما فعلنا مع المؤتمر الاقتصادى فى شرم الشيخ؟ لأ.. لماذا؟
لأننا نهتم بالحجر أكثر من اهتمامنا بالبشر.
لأن الدولة لا تقوم بوظيفتها التربوية بنفس اهتمامها بوظيفتيها الأمنية والتنموية، وهى لن تنجح فى وظيفتيها الأمنية والتنموية إلا إذا قامت بوظيفتها التربوية.
لو كنا مقتنعين بأهمية تربية الإنسان بقدر اهتمامنا ببناء البنيان، فهذه محاولة. أزعم أن هناك خمسة أنواع من القيم المركزية أو القيم الآمرة التى لا يجوز الاتفاق على مخالفتها ولا يجوز التسامح مع تجاهلها والتى ينبغى أن تضطلع الدولة بمهام إقرارها فى العقل المصرى.
من القيم الاقتصادية الضرورية، هناك القيم الخادمة والمؤسسة لـ:
1 - ريادة الأعمال والمخاطرة المحسوبة ودراسات الجدوى.
2 - الاجتهاد والتطور المهنى.
3 - العقلية الاستثمارية: الادخار وعدم التبذير.
4 - الفخر بالإنجاز الشخصى والمنتج المصرى.
5 - الأجر مقابل الإنتاجية وليس مقابل الدرجة العلمية.
6 - الحفاظ على المال العام.
7 - وطنية القطاع الخاص ومسئوليته الاجتماعية.
8 - أهمية الاستثمار الأجنبى واحترام حقوق السائح المقبل إلى مصر.
القيم السياسية التى ينبغى أن يركز عليها الخطاب الدينى هى:
1 - المساواة السياسية والقانونية.
2 - المشاركة.
3 - احترام الحقوق والحريات للجميع.
4 - احترام الرأى الآخر وعدم التخوين.
5 - إعلاء المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.
6 - التعامل مع الحلول الجذرية وليس مع المسكنات.
القيم السلوكية التى ينبغى أن يركز عليها الخطاب الدينى:
1 - النزاهة والامتناع عن الرشوة والفساد.
2 - التذوق الجمالى.
3 - النظافة الشخصية والنظافة العامة (عدم إلقاء القمامة فى الشارع).
4 - ثقافة الاعتذار عن الخطأ إن حدث.
القيم الاجتماعية:
1 - التركيز على نوعية البشر وليس على كمية البشر ومواجهة ظاهرة الإنجاب بلا حساب.
2 - عدم التمييز ضد أو الحط من شأن أى إنسان آخر.
3 - العمل الجماعى.
4 - احترام حقوق الآخرين فى بيئة نظيفة ضد التلوث السمعى والبصرى واحترام حق الآخر فى الفضاء العام (شارع وسكن آمن ومحترم).
5 - احترام حقوق الفئات الأضعف (كبار السن، الأفقر..).
6 - الغنىّ ليس بالضرورة فاسداً.
7 - المخالف فى العقيدة ليس بالضرورة كافراً بالله.
قيم معرفية:
1 - قيمة البحث والدراسة وعدم الفتْى والفهلوة (الادعاء المعرفى).
2 - الانفتاح على الأفكار الجديدة والتعرف عليها حتى إن لم نتبنَّها.
3 - قيمة العلم والمعرفة والقراءة.
4 - رفض النظرة السلبية للعالم واعتبار أن كل ما/من هو مقبل من الخارج عدو ومرفوض.
5 - رفض تنميط الناس وإطلاق أحكام عامة سلبية عنهم بسبب الطبقة أو الرأى أو العقيدة أو الدين أو الملبس الخارجى.
6 - التفكير النقدى واتخاذ القرار على أسس علمية.
هذه خمسة أنواع من القيم فى خمسة مجالات أساسية، والدولة تملك خمسة أنواع من الخطاب يمكن أن تستخدمها لبناء الإنسان المصرى الجديد وهى: الخطاب السياسى، الخطاب الدينى، الخطاب الإعلامى، الخطاب الثقافى والفنى، الخطاب التعليمى.
نعم نستطيع، لو قررنا أن ننجح.
لسنا بدعاً من البشر، لكننا نمط متكرر من الفشل فى تحديد الأولويات وحسن إدارة الملفات.
أختم بأن أقول: «لا مجال لمصر جديدة، إلا بإنسان مصرى جديد».
قولوا يا رب.