كتب الأستاذ باهى حسن، فى جريدة «المصرى اليوم»، تقريراً عن وضع مصر فى المؤشرات العالمية فى مجالات متنوعة. والتقرير ليس مجرد تجميع لمعلومات عن مصر فى مجالات مختلفة أو مجرد خبر عن تردى أوضاعنا، إنما هى مؤشرات على ماض أدى إلى واقع، وواقع سيفضى إلى مستقبل إما أن يكون أفضل أو يكون أسوأ.
وسيكون أفضل إن اعترفنا بمشاكلنا ورصدنا أخطاءنا وحددنا المطلوب منا عمله لإنقاذ بلادنا من أن يكون مستقبلها أسوأ من ماضيها.
أولاً، يقول التقرير إن مصر احتلت المرتبة قبل الأخيرة فى مؤشر التنافسية السنوى لعامى 2015/2016 بمجال التعليم لتسبق «غينيا»، فى قائمة تضم 140 دولة، فيما حصلت سنغافورة على المرتبة الأولى، ثم سويسرا، بينما جاءت قطر فى المركز الرابع، والإمارات فى المركز العاشر، وإسرائيل فى الـ37.
ثانياً، وفقاً لمؤشر «دليل الأداء البيئى» مصر فى الترتيب الـ«50» دولياً من بين 178 دولة فى مؤشر دليل الأداء البيئى عام 2012.
ثالثاً، جاءت فى المرتبة الـ«110» دولياً من بين 187 دولة فى مؤشر دليل التنمية البشرية عام 2014.
رابعاً، تحتل مصر الترتيب الـ«119» دولياً من بين 144 دولة فى مؤشر التنافسية العالمى عام 2014/2015، والمرتبة الـ«12» عربياً.
خامساً، تأتى مصر فى مرتبة متأخرة وفقاً لمؤشر «الابتكار والتطور»، فى الترتيب 113 دولياً من بين 144 دولة عام 2014/2015.
سادساً، وجاءت مصر فى الترتيب الـ97 دولياً لعام 2014 من بين 144 دولة، فى مؤشر تحقيق المتطلبات الأساسية من الصحة والتعليم الأساسى، وفى المرتبة الـ100 لتحقيق «المتطلبات الأساسية من البنية التحتية».
سابعاً، وفقاً لمؤشر «التعليم العالى والتدريب» مصر فى الترتيب «111» دولياً من بين 144 دولة فى مؤشر التعليم العالى والتدريب عام 2014/2015، وفى كفاءة سوق العمل جاءت فى الترتيب الـ«140» دولياً، كما احتلت رقم 118 فى مؤشر «كفاءة سوق السلع».
ثامناً، فى مؤشر «تطوير الأسواق المالية» مصر فى الترتيب «125» دولياً، وفى «الاستعداد التكنولوجى» مصر الـ«95» دولياً.
تاسعاً، وفقاً لمؤشر «حجم الأسواق» مصر فى الترتيب «29» دولياً، وفى «تطوير الأعمال» مصر فى الترتيب 95، وفى «الابتكار» جاءت مصر فى المرتبة «124» دولياً.
عاشراً، وفى المؤشر العالمى لحرية الصحافة، جاءت مصر رقم 158 دولياً من 180 دولة، ورقم 13 عربياً عام 2015.
لو وضعنا المؤشرات السابقة جنباً إلى جنب وحاولنا أن نترجمها إلى مؤشر واحد فهو ما يلى: «استمتعوا بالسيئ فالأسوأ قادم، إلا إذا...».
وأول من يجب عليه أن يخرج لنا بهذه النتيجة هو السيد الرئيس أو رئيس الحكومة أو رئيس البرلمان المقبل. هؤلاء الناس ليسوا مسئولين عن التخلف الذى نحن فيه الآن لأن تخلفنا قديم وأسبابه تتخطى حدود السنوات القليلة الماضية، ولكنهم سيكونون مسئولين عن هذا التخلف لو استمر أو تدهورت الأمور أكثر من ذلك.
أطالب السيد الرئيس بأن يطلب من فريق مستشاريه أن يضعوا برنامجاً يسمونه: «برنامج إنقاذ وطن». يستهدف مباشرة مصارحة الناس، حكومة وشعباً، بالمشكلات وبأسبابها وبالخطوات المقترحة لعلاجها.
المصريون أذكياء وراغبون فى أن يكون مستقبل أولادهم أفضل من ماضيهم ولكنهم كالمبصر الذى يبحث عن ضوء. على الدولة أن تقدم الضوء فى برنامج «إنقاذ وطن» بما يتضمنه من إجراءات لـ:
1- وقف الزيادة السكانية الرهيبة التى نعيشها عبر برنامج تنظيم للأسرة يستهدف ألا يزيد عدد أبناء الأسر الجديدة عن 3 أطفال وأن يتوقف من لديه أولاد أكثر من 3 عن إنجاب أطفال جدد لمدة 5 سنوات. هى فترة نستهدف من خلالها الوقوف على أقدامنا اقتصادياً. الصين أعلنت بالأمس وقف برنامجها لتنظيم الأسرة الذى اعتمد سياسة الطفل الواحد بعد سنين من تطبيقه. اضبطوا الإنجاب لله وللوطن لا سيما أن الأكثر إنجاباً هم، مع الأسف، الأقل قدرة على التربية والتعليم. وعلى الدولة أن تستخدم كل أدواتها التشريعية والتعليمية والإعلامية والدينية والثقافية لإقناع المواطنين بأهمية هذا الملف. الله سبحانه وتعالى لن يسأل أحدنا عن عدد من أنجبنا ولكنه سيسألنا عن كيفية تربيتنا لهم.
2- ملف الإعلام لا بد أن يفتح. لا بد أن نفعل ما فعل مهاتير محمد فى ماليزيا من تحويل الإعلام الترفيهى إلى إعلام إصلاحى يعلم الشباب المهارات والقدرات التى يحتاجونها كى يبنوا أنفسهم وبلدهم. كفى إعلام الفضائح والشتائم وهتك الأعراض وتشويه صورة البلد وصورة الناس الذين يعيشون فيه. هذا أمر يتطلب أن يصدر رئيس الجمهورية فى أسرع وقت قانون تنظيم الإعلام وفى القلب منه «المجلس الوطنى للإعلام» على نحو ما يوجد فى دول كثيرة سبقتنا فى النهضة وفى الديمقراطية وليس أقلها كوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا. وفى مكان ما فى الرئاسة، توجد دراسات عن هذا الملف.
3- ملف التعليم أخطر من أن نتركه بلا متابعة جادة. التعليم يبنى الأمة أو يدمرها. صورة المدرس الذى يعلم طلابه فى كوريا الجنوبية فى الشارع وأمامهم سبورة يكتب عليها هى مدخل مهم لإنقاذ تعليمنا. لا يمكن أن ننتظر بناء 50 ألف مدرسة لاستيعاب كل الطلاب فى سن التعليم. علينا أن نبسط مناهجنا بالقدر الذى يجعل الأساسيات (من قيم ومعلومات ومهارات) هى مركز العملية التعليمية ونجتهد فى التعليم وليس فى بناء المدارس.
4- تنظيف وحسن إدارة 100 شارع رئيسى فى كل مصر سيعيد ثقافة النظافة والنظام فى مصر. نحن بحاجة لهذا بشدة.
5- زراعة الأمل مهمة. مشروع الطرق الجديدة لا بد أن يأخذ حيزاً أكبر فى الإعلام لأن الطريق الجديد يفتح آفاقاً أكبر للتنمية.
6- الحلول التكنولوجية لمشاكلنا الإدارية مسألة فى غاية الأهمية. لا نريد الاعتماد على الوسائل البيروقراطية العتيقة التى تفتح أبواب الفساد والإهمال. ولقد سبقتنا دول كثيرة فى هذا المجال وهناك مصريون لديهم خبرات كبيرة فى هذا المجال.
7- أتمنى على الرئيس أن يعطى ملف الاستثمار المحلى والأجنبى جزءاً كبيراً من وقته لأن المعوقات البيروقراطية والفساد الحكومى لم يزل متفشياً لدرجة يهرب معها الكثير من الاستثمار المحلى والعربى والأجنبى. هذه هى المشاكل، وهذه هى الحلول المقترحة.. ومن جاء بخير منها، قبلناه ودعمناه. ولا أنسى أن أذكر بأنه لن تكون هناك مصر جديدة إلا بإنسان مصرى جديد، نصنعه كى يكون الغد أفضل.
والله المستعان.