بقلم - عماد الدين حسين
اليوم تبدأ انتخابات المرحلة الأولى لمجلس النواب فى داخل مصر فى ١٤ محافظة.
وكل الأمل أن تقود هذه الانتخابات إلى تشكيل مجلس نواب قوى وحيوى، ويمثل غالبية شرائح المجتمع، بما يؤدى إلى إثراء وتقوية الحياة السياسية ويدفع عجلة التنمية للأمام. ويجعل البلاد أكثر منعة فى مواجهة الضغوط الدولية المتصاعدة.
المجلس يتشكل من ٥٦٨ عضوا ينتخبهم ٦٣ مليون مصرى بالاقتراع السرى المباشر، ويخصص للمرأة ما لا يقل عن ٢٥٪ من إجمالى عدد المقاعد، ويجوز لرئيس الجمهورية تعيين عدد من الأعضاء لا يزيد على ٥٪.
واليوم ستبدأ الانتخابات فى محافظات الجيزة والصعيد والاسكندرية والبحيرة ومطروح.
بعض المراقبين لم يكونوا شديدى التحمس لهذه الانتخابات، باعتبار أن نصف المقاعد يتم بالقائمة المطلقة المغلقة، وهو ما يهدر من وجهة نظرهم جزءا كبيرا من التنافس.
لكن للموضوعية، اكتشف كثيرون أن غالبية الدوائر الفردية تشهد تنافسا كبيرا، خصوصا بين المرشحين المستقلين ومرشحى حزب مستقبل وطن.
كنت أعتقد مثل كثيرين أن دائرة الجيزة، هى الأكثر سخونة فى الفردى، على اعتبار أنها تضم مشاهير من رجال الأعمال والرياضة والإعلام، وحينما بدأت أعرف تفاصيل غالبية الدوائر، اتضح لى أنها ملتهبة أيضا.
والملاحظات المبدئية على هذه الانتخابات قبل أن تبدأ هى الآتى:
قد يكون التنافس السياسى المعروف غائبا، بمعنى أنه لا توجد مظاهر حادة لهذا التنافس، بين أحزاب قوية ومتقاربة ومختلفة، أو حتى التنافس الذى كان سائدا، قبل ثورة يناير ٢٠١١، والانتخابات التى تلتها فى خريف هذا العام.
هناك حزب عملاق هو «مستقبل وطن» وأحزاب أخرى لم يستطع أحد منها أن يكون لديه مرشحون فى كل الدوائر بما فيها الاحزاب الموصوفة بأنها تاريخية.
التنافس هذه المرة عاد ليكون أكثر فردية، بمعنى أن شخص المرشح هو البطل ومعه ماله ونفوذه وسمعته وعائلته وعصبيته القبلية.
ومع اتساع حجم الدوائر الانتخابية بسبب أن نصف المقاعد ذهبت إلى القوائم، فإن المرشحين الفرديين مطلوب منهم أن يبذلوا المزيد من الجهد وينفقون المزيد من المال ليضمنوا الفوز، بديلا للشكل القديم، أى مقعدين لكل دائرة تقليدية، سواء كانت عبارة عن المركز أو البندر.
مع اتساع الدوائر صار هناك حرص من كل مدينة على أن يكون لها مرشح، وبالتالى فالمتوقع أن تكون إحدى سمات التصويت أن كل مركز سيصوت لصالح أبنائه إلى حد كبير، لكى يضمن وجود ممثل له فى البرلمان.
الملاحظة الأخرى: إن المرشحين على القوائم لن يضمنوا الفوز آليا هذه المرة، كما حدث فى الانتخابات السابقة عام ٢٠١٦، حينما فازت قائمة «فى حب مصر» بكل المقاعد بالتزكية.
ورغم ذلك فالمتوقع أن تتفوق «القائمة الوطنية من أجل مصر» فى مواجهة «نداء مصر». الملاحظة الاخرى: إن المال لا يزال يلعب دورا مهما فى كل الانتخابات سواء كانت نيابية أو شيوخ أو حتى محلية، بل وفى النقابات والجمعيات والأندية. لكن سمعت من المستشار لاشين إبراهيم رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات قبل أيام بأن القانون سيطبق بكل قوة على من يثبت أنه تجاوز الحد الأقصى للإنفاق أو لعب المال دورا مهما فى التأثير على إرادة الناخبين، وأن هناك لجنة فى كل محكمة ابتدائية لمراقبة هذا الموضوع.
طبقا للقانون فمن حق اللجان الانتخابية الفرعية والعامة أن تجرى حصرا عدديا للأصوات، لكن ليس من حقها بالمرة إعلان نتائج، خصوصا أنه لا يتم إضافة أصوات المصريين فى الخارج إلا قبل إعلان النتيجة النهائية، وهو ما يعنى التأكيد على أن الحصر العددى ليس دقيقا وليس نهائيا، وقد يؤدى إلى البلبلة.
فى تقدير المستشار لاشين إبراهيم فإن البطاقة الدوارة اختفت تماما والفضل للتكنولوجيا الحديثة والمؤمنة للبطاقات من مطابع الشرطة، وبالتالى فلن يكون ممكنا تكرار ما كان يحدث سابقا.
وإذا كانت البطاقات الدوارة قد اختفت فإن كل ما نرجوه أن يكون الطريق إلى صندوق الانتخابات مؤمَّنًا أيضا ونزيها.
هذا الأمر ليس فقط مسئولية الحكومة أو الهيئة الوطنية للانتخابات بل مسئولية المجتمع بأكمله، خصوصا أن بعض المرشحين صار محترفا فى استغلال أمواله الهائلة من أجل التأثير على إرادة الناخبين واستغلال ظروفهم الاقتصادية الصعبة، وهذا موضوع يحتاج إلى نقاش لاحق إن شاء الله.