محمد سلماوي
أهم ما يميز الرئيس السيسى هو صراحته الكاملة وعدم لجوئه لتجميل الأشياء لإخفاء حقيقتها، وقد كانت تلك الصراحة صادمة فى لقائه أمس الأول مع هيئة مكتب المجلس الأعلى للصحافة ورؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحفية القومية.
وقد راجعت الرئيس عدة مرات رغماً عنى حين ذكر بعض الأرقام فى أزمتنا الاقتصادية فانطلقت منى بشكل تلقائى كلمة: كم؟ فأعاد الرئيس الرقم مرة أخرى مؤكداً لى الرقم.
ورغم أن بعض ما قاله الرئيس فى الاجتماع لم يكن للنشر إلا أن ما يمكن نشره يكفى لنقل الصدمة للقراء، وربما كان فى مقدمة ذلك ما ذكره من أنه مطالب الآن وليس غداً بالموافقة على دفع مبلغ 40 مليار جنيه حتى تكون هناك كهرباء فى أغسطس المقبل، وقال الرئيس: منين؟ منين أجيب المبلغ ده؟ وصمت فلم يجبه أحد.
ثم كانت الصدمة الثانية حين قال إن الفائض الذى وفره تخفيض الدعم فى منتصف العام الحالى قد ذهب الآن أثره بالزيادة السكانية التى حدثت منذ شهر يوليو الماضى، وقال الرئيس: ما لم تصل نسبة النمو الاقتصادى إلى 7٪ سنوياً فإن هذه الحلول الوقتية لن تكون أكثر من مسكنات لأعراض مرضية لا يتم علاجها.
وما هو العلاج؟ العلاج فى رأيى ذو شقين، لكنى لم أقله للرئيس، فلم يكن هذا موضوع اللقاء: الشق الأول هو المشروعات الاقتصادية الكبرى التى تضاعف الدخل السنوى مثل مشروع قناة السويس الجديدة، وهو ما اختار الرئيس أن يمضى فيه قدماً منذ اليوم الأول لتوليه مقاليد الأمور، أما الشق الثانى وهو ما لم يطبقه الرئيس فهو التقشف ولا شىء غيره.
إننا كثيراً ما نتحدث عن الوضع الاقتصادى المتردى الذى مرت به دول أوروبا حتى وصلت إلى تقدمها الحالى، ونضرب مثالاً بألمانيا أو إنجلترا، لكننا ننسى أن الإنجليز لم يكونوا يحصلون فى غذائهم إلا على بيضة واحدة فى الأسبوع، ولا يسمح لهم إلا بملء «جردل» ماء واحد فى اليوم، بينما دخلت مصر فى الستة أشهر الأخيرة عدة آلاف من السيارات الجديدة المستوردة!!
لقد أعلن الرئيس منذ اليوم الأول، بل وفى خطاب التنصيب، أنه لن يستجيب لأى مطالب فئوية، ثم أصدر قراره بخفض دعم الطاقة، وتلك لا تزيد على كونها إصلاحات طفيفة لأوضاع اقتصادية كانت مختلة، لكنها لا تمت بصلة لإجراءات التقشف المطلوبة والتى لم يطبقها السيسى، فهل يمكن أن نعبر الأزمة دون اللجوء إليها؟ سؤال لم أوجهه للرئيس.