كلما وقع حادث إرهابى فى سيناء مثل الجريمة المروعة التى راح ضحيتها العشرات من الشهداء والجرحى يوم الجمعة الماضي، يعلو الجدل حول كيفية مواجهة الإرهاب. ويتذكر البعض تحت وطأة الحدث أهمية التنمية الاقتصادية والاجتماعية لسيناء كآلية متوسطة وطويلة الأجل لخلق بيئة معادية للإرهاب فيها.
ولاعتبارات المعالجة الآنية يتم التركيز كليا على الإجراءات الأمنية، وسرعان ما يتم نسيان التنمية فى كل مرة، ليعود الجدل مرة أخرى عندما يقع حادث إرهابى جديد. والأمر لا يتعلق بعدم وجود دراسات حول تنمية سيناء، بل بغياب الإرادة السياسية والتباس وعدم حسم الأمور المتعلقة بملكية الأرض والمشروعات فى هذه المحافظة التى غنينا لها كثيرا، لكننا لم نغنها ولم تغتن مصر منها على قدر ما تحويه من موارد طبيعية هائلة. ورغم أننى على المستوى الشخصى كتبت كثيرا عن هذه القضية، فإننى مضطر لإعادة الكتابة عنها بأفكار بعضها جديد والآخر كتبته من قبل، نظرا لأهمية الإلحاح على تنمية سيناء فى هذه اللحظة الفارقة فى تاريخ مصر.
ومن المفارقات أن اعتبارات الأمن القومى والطبيعة العسكرية لسيناء كانت تستخدم مبررا لتعطيل التنمية فى هذه المحافظة المتاخمة لفلسطين المحتلة، بينما الحقيقة أن التنمية الشاملة ومضاعفة الكتلة السكانية فى سيناء تشكلان خط الدفاع الرئيسى والأكثر فعالية عنها سواء فى مواجهة أى عدوان صهيوني، أو فى مواجهة قوى التطرف والعنف والإرهاب.
ومن البديهى أن مضاعفة السكان ستنهض بالأساس على نقل كتلة سكانية كبيرة من وادى النيل ودلتاه ومحافظات القناة إلى سيناء، حيث أن عدد سكان سيناء شمالا وجنوبا (بمن فيهم الوافدون من محافظات أخرى للعمل فى سيناء) يقل عن 600 ألف نسمة، أى ما يقل عن 0.7% من سكان مصر، وبمعدل كثافة يقل عن 10 نسمات فى الكيلو متر المربع.
وبداية لابد من القول بأن تنمية سيناء لا تعنى أنها أقل فى مؤشرات التنمية عن باقى محافظات مصر فالحال السيئ واحد تقريبا. والاهتمام الضرورى بسيناء لا يرتبط بكونها مظلومة، بل بأهمية تحصينها بالتنمية فى مواجهة المؤثرات القادمة من فلسطين المحتلة والكيان الصهيوني، وأهمية مضاعفة سكانها المقيمين فيها دائما كآلية للدفاع الاستراتيجى عنها.
وتعتبر سيناء مثل باقى المحافظات الحدودية، ضمن المحافظات الأقل فقرا أو المتوسطة فى أسوأ الأحوال. وقبل ثورة 25 يناير 2011، كانت محافظة جنوب سيناء خالية من الفقر فى عام 2008/2009 وفقا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، لكن الفقراء صاروا يشكلون نحو 7% من سكانها فى عام 2010/2011، بعد التراجع الكبير للتدفق السياحى والإيرادات السياحية فى تلك المحافظة بعد الثورة، علما بأنه المصدر الرئيسى للدخل فيها. وبالمقابل تراجعت نسبة الفقر فى شمال سيناء من 28% عام 2008/2009، إلى نحو 21% عام 2010/ 2011، وهو تراجع لا يرتبط بتطور النشاط الاقتصادى والتنمية، بل بالعائد الكبير من النشاطات الخارجة على القانون فى زراعة وتهريب المخدرات، وتهريب السلاح والسلع المدعومة. لكن الفقر عاد للتزايد بصورة أوسع نطاقا فى شمال سيناء بعد هدم عدد كبير من أنفاق التهريب وتوقف ما كان يتأتى منها من دخول غير مشروعة.
وكانت سيناء قد تحولت فى غيبة السيطرة العسكرية والأمنية المحكمة بسبب الشروط السيئة والمنتقصة للاستقلال الوطنى والسيادة التى نصت عليها اتفاقيات كامب ديفيد (1978) والتسوية (1979)، إلى مرتع لعصابات تهريب المخدرات من الكيان الصهيونى وغزة إلى مصر، والتهريب العكسى للسلاح والسلع المدعومة والمسروقة من مصر إلى غزة. وهذا الوضع يحتم على مصر أن تعيد التفاوض بشأن شروط الاتفاقيات غير المتوازنة مع الكيان الصهيوني، والتى عقدها السادات ولم يغيرها مبارك عندما أتته الفرصة بعد مضى ربع قرن على عقدها.
تجدر الإشارة إلى أن إغلاق نظام مبارك للمعابر لفترات طويلة بين مصر وغزة، فى عملية خنق للشعب الفلسطينى فى القطاع، أدى إلى ظهور وتنامى تجارة ضخمة غير مشروعة عبر الأنفاق »السرية« بين سيناء والقطاع، بما أنتج طبقة من أثرياء الحصار من سيناء وغزة ممن يقومون بتهريب مختلف السلع بما فى ذلك السلع المدعومة من المال العام المصري، إلى غزة التى لا يستفيد الشعب الفلسطينى فيها من ذلك الدعم المنهوب من شعب مصر، بل تستولى عليه عصابات التهريب المصرية، والعصابات المناظرة فى غزة من المتاجرين بقوت الشعب فى القطاع والشركاء فى تجارة المخدرات والسلاح أيضا. ومن الضرورى أن يتم فتح المعابر بين مصر وقطاع غزة بصورة دائمة للتجارة السلعية المشروعة ولمرور الأفراد وفقا لضوابط منح التأشيرات التى تضعها مصر.
ويرتبط انتشار أو انحسار الفقر بالعديد من العوامل، لكن أهمها على الإطلاق هو مكافحة البطالة ورفع مستوى تشغيل قوة العمل، فكلما كانت هناك فرص للعمل لمن هم فى سن العمل، تكون لديهم فرصة لكسب عيشهم بكرامة والخروج بأنفسهم وأسرهم من دوامة الفقر.
وقد بلغ عدد العاطلين نحو21,2 ألف فى شمال سيناء عام 2013، مقارنة بنحو 10,9 ألف عام 2011، وبلغ معدل البطالة فيها نحو 15,7% عام 2013، مقارنة بنحو 9,2% عام 2011. وبلغ عدد العاطلين فى محافظة جنوب سيناء نحو 6,5 ألف عام 2013، مقارنة بنحو 5,9 ألف عاطل عام 2011. وبلغ معدل البطالة فيها نحو 9,9% عام 2013، مقارنة بنحو 8,7% عام 2011. وإذا كان مؤشر البطالة فى جنوب سيناء أفضل من المؤشر العام فى مصر، فإن المؤشر فى محافظة شمال سيناء والذى كان لوقت طويل أفضل من باقى محافظات مصر، قد أصبح أسوأ من المؤشر العام فى مصر. وهذا التراجع يعود إلى فقدان الوظائف فى الاقتصاد الأسود المرتبط بالتهريب وتجارة الأنفاق غير المشروعة بعد سيطرة الدولة بدرجة كبيرة على الحدود وهدم أنفاق التهريب.، دون أن يترافق مع ذلك تنمية فعالة فى الاقتصاد المشروع تساعد على خلق الوظائف البديلة. وإذا كان هذا هو الوضع العام فكيف يمكن تنمية سيناء لتحصينها ضد الإرهاب والصهاينة معا؟
تنمية سيناء.. آلية الدفاع الاستراتيجى
انشغلت الدولة عن تحقيق التنمية فى سيناء، بمواجهة الإرهاب الذى ترعرع وتضاعف فيها خلال العام الذى حكمه الرئيس المخلوع د. محمد مرسي، الذى أفرج عن العديد من الإرهابيين والقتلة، كما ألغى التأشيرات بين مصر وقطاع غزة لفترة قصيرة سمحت بدخول العديد من الإرهابيين إلى مصر عبر المعابر والأنفاق.
وسيكون على الجيش المصرى أن يضطلع بدور مهم وحاسم فى تنمية سيناء، بالنظر إلى أن أى عملية تنموية فى شبه الجزيرة المصرية لابد أن تراعى الاعتبارات العسكرية المرتبطة بكونها منطقة عمليات محتملة وبالتالى فلابد أن يتم التنمية فيها بسواعد وعقول وأموال مصرية فقط، وأن يكون للقوات المسلحة المصرية فيتو على أى عمليات اقتصادية مدنية فيها، فضلا عن أن جزءا مهماً من عمليات التنمية فى سيناء لابد أن يتم من خلال شركات الدولة فى المناطق الأكثر حساسية عسكريا فى شبه الجزيرة المصرية.
وإذا تعلق الأمر بمحافظة حدودية هى خط التماس بين مصر وعدوها الرئيسى المتمثل فى الكيان الصهيونى الذى خاضت خمس حروب فى مواجهته هى حروب عام 1948، عام 1956، عام 1967، وحرب الاستنزاف، ومعركة 1973، فإن التنمية الاقتصادية والإعمار البشرى لسيناء كآلية رئيسية للدفاع عن شبه الجزيرة المصرية، يصبحان مطلبا وفريضة وطنية، فضلا عن كونه ضرورة تنموية وحقا من حقوق أبناء سيناء إزاء دولتهم ووطنهم لتوظيف الموارد الكبيرة لسيناء من المعادن ومنتجات المحاجر والأراضى القابلة للزراعة ومصائد الأسماك الطبيعية وفرص تطوير المزارع السمكية البحرية ومزارع المياه العذبة أيضا وفرص التصنيع فى مختلف المجالات وبالذات لمنتجات المحاجر والصناعات الزراعية لدى توظيف الإمكانيات الزراعية فى شبه الجزيرة المصرية.
وقد تفاقمت الأعمال الإرهابية فى سيناء بعد عزل د. محمد مرسى مما يؤكد علاقته هو وتنظيم الإخوان الإرهابى بتلك العمليات، وهو ما فضحه تصريح د. محمد البلتاجى القيادى بجماعة الإخوان حول تلك العمليات الإرهابية فى سيناء بقوله إن تلك العمليات ستتوقف بمجرد إعادة د. مرسى للحكم، مما يعنى بشكل واضح أنها تحت سيطرة الجماعة والرئيس المخلوع وتتم وتتوقف بأوامر منهم.
ولا ينبغى النظر إلى التنمية فى سيناء بمنطق معالجة أزمة تفاقم الإرهاب والتهريب، بل بمنطق بناء الدولة وتكاملها الوطنى الذى يعنى حقوق مواطنيها فى كل موضع منها فى المشاركة فى التنمية، وحق الأمة فى إعادة توزيع السكان على خريطتها من خلال توسيع نطاق التنمية لمناطق جديدة يمكن أن تستدعى كتلا سكانية من المناطق المكتظة إلى مناطق خفيفة السكان توجد بها فرص تنموية كبيرة. ومثل هذا المنطق فى تنمية سيناء وكل ربوع مصر، سوف يجعل من سيناء خطاً دفاعياً قوياً وجباراً فى مواجهة الكيان الصهيوني.
والحقيقة أن نمط الاستثمارات التى تمت إقامتها فى سيناء منذ استعادتها شبه منزوعة السلاح، هو نمط أبعد ما يكون عن جعلها خط دفاع، بل هى استثمارات عبارة عن رهينة كبيرة للجيش الصهيوني، يمكنه أن يدمرها فى أى صراع بسهولة موقعا خسائر اقتصادية جسيمة بمصر، دون أن يكون ذلك معبرا عن تفوق الجيش الصهيوني، بقدر ما يتعلق الأمر بسوء وعشوائية نمط الاستثمار الذى تم فى سيناء. وقد اعتمد ذلك الاستثمار بصورة أساسية على إقامة المنتجعات السياحية، وهى هدف سهل لأى هجوم يمكنه تدمير مشروعات ضخمة بما يُهدر جبال الأموال التى أنفقت عليها، بل إن مجرد التوتر العسكرى والأمنى فى سيناء سوف يقضى على السياحة فيها باعتبار أن السياحة من أكثر الأنشطة الاقتصادية الحساسة للأمن والاستقرار والتى يمكن أن تتأثر بصورة سلبية بالغة الفداحة فى حالة حدوث أى توتر أو صراع.
كذلك فإن نمط الاستثمار فى سيناء، اعتمد على إقامة بعض الصناعات الكبيرة المرتبطة بمنتجات المحاجر وعلى رأسها صناعة الأسمنت بما يعطى أى قوة عدوانية أهدافا ثمينة ومكشوفة لتدميرها عند نشوب أى صراع. كما تم ربط شبه جزيرة سيناء بباقى أرض الوطن من خلال كوبرى علوى هو بدوره رهينة سهلة لأى قوة عدوانية متربصة بمصر مثل الكيان الصهيوني، إضافة بالطبع إلى نفق الشهيد أحمد حمدى الذى يمكن لمصر أن تدافع عنه بصورة أفضل من الكوبرى المكشوف. وقد أحسنت الدولة صنعا فى تصميمها لمشروع التفريعة الجديدة فى قناة السويس بتصميم ستة أنفاق جديدة لربط شرق القناة بغربها.
ويمكن القول إن خط الدفاع الحقيقى عن سيناء يتمثل فى البشر، بما يعنى أن وجود كتلة سكانية كبيرة فى شبه الجزيرة المصرية الكبيرة، ينبغى أن يكون هدفا استراتيجيا لأى حكومة وطنية لتعزيز قدرة شبه الجزيرة المصرية على الدفاع عن نفسها. ومن المؤكد أن الكتلة السكانية الموالية لحزب الله فى جنوب لبنان والمشاركة معه وربما ضمن صفوفه فى الدفاع عن جنوب لبنان، كانت عنصرا رئيسيا فى النصر العظيم الذى حققه على الكيان الصهيونى عام 2006، والذى يشكل نقطة فارقة فى صراع هذا الكيان مع الدول والجيوش العربية.
وترتيبا على هذا الواقع، فإن إيجاد كتلة سكانية كبيرة فى سيناء سيتم بصورة أساسية من خلال نقل جزء من السكان من مناطق أخرى إلى سيناء. وهذا الانتقال لن يحدث لمجرد أننا نريد ذلك، بل إنه يرتبط بوجود بنية أساسية تربط مختلف مناطق سيناء وبالذات تلك المراد تنميتها بصورة تخدم أيضا استراتيجية الدفاع عنها. كما يرتبط بوجود مشروعات اقتصادية تستوعب هؤلاء البشر وتوفر لهم مصدرا للرزق، دون أن تكون رهينة كبيرة يسهل تدميرها وجعلها موضوعا لخسائر اقتصادية فادحة لمصر، على أن تكون تلك المشروعات قابلة للاستدامة تحت أى ظروف، وتتمتع بمظلة الحماية القانونية الدولية التى تعطى للمشروعات المدنية فى أثناء الحروب.
واتساقاً مع هذه الطبيعة للمشروعات الاقتصادية التى من المفترض إقامتها فى سيناء لاستيعاب كتلة سكانية ضخمة وشابة، فإن تلك المشروعات المدنية ينبغى أن تتركز بصورة أساسية فى الزراعة والصيد والمشروعات الصغيرة فى مجال تربية الماشية والدواجن والأرانب والمزارع السمكية والتصنيع الزراعى والحيوانى والسمكى والصناعات اليدوية والورش الحرفية المختلفة والتى ينبغى أن تكون وحدات متناثرة ومتفرقة ومتداخلة كليا مع الكتلة السكانية بما يضع قيودا على استهدافها، حتى تصبح هذه البعثرة مصدرا لنوع من المنعة المرتبطة بحرمة المناطق السكنية، وأيضا بارتفاع تكلفة الاعتداء عليها، مقارنة بقيمة تلك المشروعات الصغيرة المبعثرة وسط الكتلة السكانية. أما الثروات المعدنية والمحجرية مثل الرمل الزجاجى فى جنوب غرب سيناء فيمكن نقله للتصنيع غرب القناة، بينما يبقى تصنيع الجبس والأسمنت فى مواقع محاجرهما فى سيناء قدرا لهذه الصناعة وفقا لطبيعتها.
وتشير التقديرات إلى هناك أكثر من نصف مليون فدان قابلة للزراعة فى وسط وشمال سيناء والتى ينبغى التركيز عليها وإعطاؤها أولوية على أى مشروع آخر للتوسع الزراعي، ويمكن تحسين وتطوير استغلال ترعة السلام، ومد أفرع صغيرة منها كشبكة لرى المساحات القابلة للزراعة والتى لا توجد موارد مائية جوفية لريها، مع تطوير استخدام تلك الموارد الجوفية نفسها. ومن الضرورى تأكيد قصر الاستثمارات فى سيناء على المصريين لاعتبارات الحفاظ على الأمن القومي. كما أن هناك ضرورة لإقرار تمليك الأراضى فى سيناء للمصريين من أبوين مصريين، مع اشتراط عدم بيعها لأى شخص حقيقى أو اعتبارى غير مصرى من أبوين مصريين مع إشراف الجيش على أى عمليات لبيع وتداول الأراضي، لأن المصريين لن ينتقلوا هم وعائلاتهم للتوطن فى سيناء على أراض يستغلونها كحق انتفاع، بل سينتقلون فقط عندما يتملكون الأرض ويرتبطون بها برباط أبدي. ولابد من العودة للقانون القديم الذى يحرم ملكية الأجانب للأرض الزراعية فى مصر أو حتى حق انتفاعهم بها فى ظل وجود ملايين من الفلاحين المعدمين وخريجى المدارس والمعاهد والكليات الزراعية العاطلين والأولى من الجميع بتملك وزراعة أرض بلدهم. أما الأراضى المخصصة للأغراض الصناعية فيمكن إقرار حق الانتفاع الميسر والطويل الأجل بها للاستثمارات العربية والأجنبية مع مراعاة الاعتبارات العسكرية.
ويمكن عمل اكتتابات عامة لتمويل بناء الشركات الصناعية والزراعية والخدمية فى سيناء كشركات خاصة مملوكة لحملة الأسهم من المصريين فقط، على ألا تزيد حصة أى من هؤلاء الملاك على 1% من قيمة أسهم أى شركة من تلك الشركات التى سيديرها مديرون تنفيذيون نيابة عن حملة الأسهم، على أن تراقبهم شركات محاسبة لمصلحة ملاك الأسهم، وأيضا الأجهزة الرقابية الرسمية لمنع أى فساد أو تلاعب من المديرين التنفيذيين على حساب حملة الأسهم.
كما يمكن للدولة أن تنظم عملية تمويل الاستصلاح والاستزراع فى سيناء فى أراضى الدولة من خلال شهادات استثمار على غرار تلك التى تم استخدامها فى تمويل حفر التفريعة الجديدة لقناة السويس.
ومن البدهى أن يحصل أهل سيناء على أولوية فى توزيع الأراضى التى سيتم استصلاحها فى سيناء، إذا كانوا سيقومون بزراعة تلك الأراضى بأنفسهم فعليا بمساحات محددة بخمسة أفدنة لكل فلاح أو خريج من خريجى المدارس أو الكليات الزراعية. ومن الضرورى أن يترافق مشروع كهذا مع استخدام أحدث تقنيات الزراعة وتربية الماشية والأسماك. ويمكن على سبيل المثال استخدام سلالات أبقار الهولشتاين الألمانية والجاموس الإيطالى وانتاجيتهما من اللبن عشرة أمثال إنتاجية الأبقار والجاموس فى مصر. وهذا التحديث سيعنى أن العائد من هذه الزراعة والصناعات المرتبطة بها مثل صناعة الألبان ومنتجاتها وتصنيع المنتجات الزراعية سيكون أضعاف الإنتاجية المناظرة فى الزراعة التقليدية فى مصر.
أما أنشطة الاستزراع السمكى فى البحر على الشاطئ الشمالى لسيناء، والصيد وتربية الماشية والحيوانات والطيور الداجنة، والمشروعات الصغيرة المتعلقة بالتصنيع الزراعى والحيوانى والسمكي، وتصنيع الزيتون بإنتاج الزيت والمخللات والأعلاف والفحم منه، والصناعات اليدوية والحرفية، وصناعات المحاجر الصغيرة للرخام والأحجار والجبس والمتناثرة أيضا، فإنها تشكل قاعدة هائلة لتنمية اقتصاد سيناء واستيعاب كتلة سكانية جديدة.
وبقدر ما يحتاج هذا الأمر إرادة سياسية واضحة وقوية، فإنه يحتاج إلى حضانة قومية للمشروعات الصغيرة تساعدها فى الحصول على التمويل الميسر وعلى تسويق إنتاجها داخليا وخارجيا. وعملية التنمية الشاملة تلك يمكن أن تضيف لسكان سيناء نحو مليون نسمة فى ثلاثة أعوام كخطوة أولى لرفع الكتلة السكانية بسيناء لأضعاف هذا الرقم كآلية رئيسية للدفاع عن شبه الجزيرة المصرية ضد النزعات العدوانية للكيان الصهيوني، وضد قوى التطرف الدينى والإرهاب.