بقلم - عمرو الشوبكي
يمثل نقص أعداد الطواقم الطبية أحد أبرز مظاهر أزمة النظام الصحى فى مصر، خاصة فى المستشفيات الحكومية، ومالم تقدم الحكومة على مراجعة جذرية للسياسات المتبعة، فإن هذه الأزمة مرشحة للتفاقم والتعقيد، خاصة بعد سقوط ما يقرب من 200 شهيد من بين الأطباء بسبب وباء كورونا.
تقول سجلات النقابة العامة للأطباء فى مصر إن إجمالى عدد الأطباء الذين مازالوا على رأس العمل، فى القطاع الحكومى 188535 طبيبا، بمعدل 1.88 طبيب لكل ألف مواطن، وإن عدد الأطباء بالقطاعين الحكومى والخاص 212835 طبيبا، بمعدل 2.1 طبيب لكل ألف مواطن، وهناك أكثر من 120 ألف طبيب يعملون فى الخارج من أصل 220 ألف طبيب، أى أكثر من نصف عدد الأطباء المسجلين هجروا البلاد وهو رقم هائل وغير متكرر فى أى دولة نامية. والمعروف أنه طبقا للمعدل العالمى، فإنه يجب توفير طبيب لكل 350 مواطنًا، أما فى مصر فيوجد طبيب لكل 800 مواطن.
واللافت أن تعامل وزارة الصحة مع الملف الطبى لم يشهد أى تغيير أو تحسن، فقد تميز فى كثير من الأمور بالتعنت الإدارى فى وقت مطلوب فيه اللين وعرف التسيب فى وقت تحتاج فيه إلى الصرامة.
وظل أطباء الحكومة يعانون من ضعف العائد المادى وغياب وسائل حماية كافية، وهو ما جعل أعداد الأطباء العاملين فى وزارة الصحة المصرية فى تناقص مستمر حتى بلغت نحو ٦٠ ألف طبيب، بينما تحتاج الوزارة إلى نحو ١١٠ آلاف طبيب، أى أن هناك عجزاً يزيد على ٥٠ ألف طبيب ويتزايد كل عام.
والحقيقة أن قضية نقص عدد الأطباء فى مصر تحتاج إلى سياسات حكومية جديدة، فالمطلوب العمل على مضاعفة أعداد الطواقم الطبية ليس بزيادة عشوائية فى أعداد كليات الطب، إنما فى تحسين الظروف المادية للطواقم الطبية وحمايتهم.
تحتاج الدولة لمراجعة جذرية لوضع الأطباء فى المجال الحكومى، فلا يعقل أن يكون عددهم أقل من نصف العدد المطلوب، وفى نفس الوقت يتم تجاهل كثير من مطالبهم، خاصة ضعف الدخل ونقص أدوات الحماية.
لقد صمدت الطواقم الطبية بشجاعة فى وجه وباء قاتل، رغم ضعف إمكانات المستشفيات الحكومية وأدوات الحماية والرواتب، وعانوا فى أحيان كثيرة من تعتيم إعلامى غير مفهوم حين تكلموا فى أوجه قصور، وقام البعض بتحويل مطالبهم المهنية إلى قضية أجندات سياسية، فى حين أن مشاكل الأطباء فى مصر مهنية وإدارية تتعلق بقصور فى أداء وزارة الصحة، بصرف النظر عن أى استغلال سياسى تقوم به القلة، وأن مواجهته لن تكون إلا بحل مشاكل المنظومة الصحية بشكل تدريجى وشفاف.