بقلم - عمرو الشوبكي
حقق جو بايدن فوزا كبيرا فى انتخابات الرئاسة الأمريكية بعد أن حصل فى المجمع الانتخابى على 306 أصوات فى مقابل 214 حصل عليها دونالد ترامب وبفارق أصوات شعبية اقترب من 6 ملايين صوت.
والحقيقة أن فوز بايدن مثل استثناء من «العرف» الذى يقول إن الرئيس الذى فى السلطة يفوز عادة فى الانتخابات الأمريكية مهما كانت درجة الانتقادات التى توجه له، فكثير من الأمريكيين اعتبروا أن جورج بوش الابن فاز فى الانتخابات الأمريكية رغم أخطائه الفادحة لأنه فى الحكم، وأن آخر رئيس أمريكى خسر انتخابات الرئاسة وهو فى السلطة كان منذ ربع قرن وفى عهد والده بوش الأب الذى خسر أمام المرشح الديمقراطى بيل كلينتون.
والحقيقة أن هزيمة ترامب جاءت مدوية وأن مسألة أنه حصل على أصوات 70 مليون مواطن فإن هذا يعنى أنه يمتلك شعبية طاغية وهم كبير، ولا علاقة له بطبيعة الانتخابات التى تجرى فى أمريكا وأوروبا بل ومعظم الدول الديمقراطية.
إن هناك انقساما تاريخيا بين الحزب الجمهورى المحافظ والحزب الديمقراطى الليبرالى مثل الانقسام بين حزب العمال والمحافظين فى بريطانيا، واليمين واليسار فى فرنسا، بصورة تجعل كل فريق يحصل بشكل تلقائى على أكثر من ثلث أصوات الناخبين بصرف النظر عن شخص المرشح. ففى أمريكا مضمون للحزب الجمهورى أو الديمقراطى نسبه تصويت قد تصل إلى 45% من الأصوات حتى لو كان المرشح ترامب أو بوش الأب أو الابن ثم تأتى بعد ذلك نسب متأرجحة قد تصل فى بعض الأحيان إلى الثلث، وهذه النسب هى التى تنجح المرشح فى أى انتخابات وليس أنصاره المضمونون أو أعضاء حزبه، وهؤلاء فقد معظمهم ترامب.
لقد نجح بايدن فى تحقيق فوز كبير فى ولايات كانت حتى وقت قريب فى يد الجمهوريين كما أن هذا الفوز لم يعن سيطرة الحزب الديمقراطى على مجلس الشيوخ والنواب، صحيح أنه اقترب من المحافظة على أغلبية ضئيلة فى مجلس النواب ولكنها أقل من المجلس السابق، بما يعنى أن فوز بايدن جاء فى جانب منه رفضا لترامب.
والمؤكد أن الرئيس المنتخب جو بايدن ليس له «كاريزما» بيل كلينتون التى جعلته منذ ربع قرن ينتزع الرئاسة من جورج بوش الأب، كما أنه لا يمتلك حضور وتأثير أوباما الذى فاز على منافسة الجمهورى جون ماكين فى انتخابات 2008 بفارق حوالى 10 ملايين صوت وحصل على 365 صوتا فى المجمع الانتخابى.
يقينا فوز بايدن يعكس أساسا رفضا لنمط ترامب فى الحكم والإدارة، فقد ظهر الأول فى صورة رجل الدولة الذى يحترم المؤسسات والتقاليد الديمقراطية ويدافع عن المساواة والعدالة على الأقل نظريا، وأن نجاحه مثل عودة لرؤساء أمريكا الطبيعيين بما لهم وما عليهم.