بقلم - عمرو الشوبكي
هى المرة الأولى منذ شهر ديسمبر الماضى التى أشد فيها الرحال خارج الحدود، وكان مخططًا لهذه الرحلة أن تبدأ فى باريس وتنتهى فى برلين، ولظروف كورونا ألغيت رحلة ألمانيا وكانت اجتماعات الـ Zoom العابرة للحدود هى البديل.
وقد شاءت الأقدار أن أكون مرات عديدة فى باريس وقت أحداث كبيرة، فقد كنت هناك حين أخذت فرنسا كأس العالم فى 1998، وكنت موجودا أثناء انتخابات الرئيس الفرنسى الأسبق نيكولا ساركوزى، والرئيس الحالى إيمانويل ماكرون، وكنت هناك أيضا بعد يومين من العملية الإرهابية الكبرى فى 2015، وشهدت فى العام قبل الماضى عملية إرهابية أخرى راح ضحيتها ضابط شاب، وأخيرا العملية الإرهابية التى قطع فيها شاب لم يتجاوز من العمر 18 عاما رأس مدرس تاريخ فرنسى، فى واحدة من أبشع الجرائم التى عرفتها فرنسا منذ عقود (حديث الغد).
والسفر إلى فرنسا لا يحتاج اختبار PCR والمدينة كانت شبه طبيعية فيما عدا فرض ارتداء الكمامة فى الأماكن المفتوحة والمغلقة على السواء، وتغير الحال بعد أن قرر الرئيس الفرنسى فرض حظر تجوال بعد التاسعة مساء، لم أشعر به لأنه كان قبل عودتى بيومين.
الندوة التى حضرتها كانت حول قضايا المتوسط، وكان هناك تركيز على قضية ليبيا وتركيا (لم يحضر على غير العادة الباحثون الأتراك، كما غاب وزير خارجية إسبانيا الأسبق موراتينوس، الذى كان يحضر جميع اللقاءات).
وكانت القاعة التى عقد فيها المؤتمر تتسع لمائة شخص، وضعت الكراسى والطاولات لعشرين فقط، حفاظا على التباعد الاجتماعى، وكان النقاش هادئا وربما باردا لكثرة الاعتذارات، وتفاءل بعض الباحثين الفرنسيين بقرب انتهاء الأزمة الليبية، وتحدث البعض الآخر عن اقتراب ظاهرة أردوجان من نهايتها.
تابعت جانبًا من كواليس طرح الرئيس الفرنسى عن «الانفصالية الإسلامية» (انتقد ظاهرة انفصال المساجد والمؤسسات الدينية الإسلامية عن القيم ومبادئ الجمهورية الفرنسية)، وعرفت من مصادر موثوقة من هو الخبير الفرنسى الذى صاغ هذه الفكرة للرئيس، وعلقت على هذه القضية فى أكثر من صحيفة وقناة إخبارية (مقال الأسبوع الماضى فى «المصرى اليوم» كان أيضا حول نفس الموضوع).
وعلى عكس الرحلات السابقة لم أشاهد فيلما أو مسرحية أو معرض فن تشكيلى، وكان النشاط الوحيد خارج «العلوم السياسية» هو تلبية دعوة غذاء من أستاذة العمارة المصرية المرموقة د. جليلة القاضى، وتحدثت بحزن عما يجرى من تخريب فى بعض مناطق القاهرة الأثرية ومن عدم وجود قناة اتصال بين المسؤولين والمختصين فى هذا الموضوع.
العودة لقاهرة المعز تطلب إجراء كشف PCR واللافت أن كل معامل التحليل فى فرنسا لا ترد على الهاتف وليس فقط 105 عندنا، وقضيت 3 ساعات أمام أحد المعامل بدون موعد مسبق حتى أنجز المهمة وأعود إلى قاهرة المعز.