بقلم : عمرو الشوبكي
صادمة الإساءة البالغة التى وجهها أحد الإعلاميين لأهالى الصعيد، ورغم اعتذاره عن هذه الخطيئة إلا أن القناة التى يعمل بها أوقفته عن العمل، ثم قررت بعدها نقابة الإعلاميين سحب تراخيص مزاولته للمهنة.
والحقيقة أن الصدمة التى خلفتها مثل هذه التصريحات واعتراف الإعلامى بخطيئته، ألقت الضوء على «الأزمة الأكبر» الخاصة ببرامج إعداد الإعلاميين وكيف يصبح ميثاقا العمل الإعلامى والصحفى حاضرين ليس فقط فى عقاب الإعلامى إنما أيضا فى آلية اختياره، أى أنه لابد قبل الحصول على ترخيص بمزاولة المهنة أن يكون هناك برنامج إعداد (قد يصل إلى عام) للمتقدم للعمل كإعلامى، لا يشمل فقط جوانب لها علاقة باللغة ونطق الحروف وغيرها إنما أن يجتاز أيضا برنامجًا مهنيًا للإعداد والتأهيل حتى يصبح إعلاميًا.
وبعد اجتياز برنامج الإعداد لابد أن تكون هناك دورات تدريبية مستمرة لمعرفة التطورات التى حدثت فى مجال الإعلام، وهل صيغة القنوات المرتبطة بالصحف يمكن أن تطبق فى مصر، وتأثير مواقع التواصل الاجتماعى على القنوات التليفزيونية بجانب الأمور المهنية والأخلاقية التى يجب أن تكون حاضرة فى برامج إعداد الإعلاميين.
والحقيقة أن هناك حاجة دائمة لإعداد وتدريب الإعلاميين كشفتها أيضا جائحة كورونا، فقد اتضح وجود كثير من جوانب الخلل تتعلق بالتعامل مع الظروف الاستثنائية أو الأزمات غير المتوقعة مثل الأوبئة أو الحروب وما شابه، وهنا سيحتاج الإعلام إلى فريق مهنى مؤقت من المتخصصين فى هذه الأزمة المفاجئة، يتمتعون بحد أدنى من المعرفة بطبيعة الوباء وهو لن يحدث إلا من خلال دورات للإعداد والتدريب لتوعيتهم بالحد الأدنى من المعلومات العلمية حول طبيعة الفيروس وسبل مواجهته بحيث تصبح الرسالة الإعلامية المقدمة للناس غير بعيدة عن البديهيات العلمية المتعارف عليها، كما أن النجاح فى الإعداد والتدريب سينعكس بشكل مباشر فى قدرة الإعلام على تقديم برامج وتحقيقات لتوعية المواطنين بطبيعة الفيروس تتجاوز رسالة التلقين التى لا تؤثر فى غالبية المشاهدين.
الإعداد والتدريب فى مجال الصحافة والإعلام لم يعد ترفًا، خاصة مع تكرار الأخطاء الجسيمة التى يرتكبها بعض الإعلاميين وتكرار التعميم على دول وشعوب ومجتمعات بأكملها، تغاضى البعض عنها لأن نظمها السياسية تختلف مع مصر.
لا يجب أن تطبق القواعد المهنية والقانونية بشكل انتقائى ولو بدأنا جديًا فى وضع برامج إعداد وتدريب لكل العاملين فى مجال الإعلام فإن ذلك سيعنى أن القواعد ستُطبق على الجميع، فإهانة أهل الصعيد جريمة، وإهانة أى شعب آخر جريمة، وإهانة أهل قرية أو حى أو منطقة خرج منها مجرم أو إرهابى جريمة أخرى، والتحريض ضد أسر وعائلات أو تجريسها لأن فيها فردًا منحرفًا جريمة أخرى.
نعم نحتاج لإعداد وتدريب وقواعد مهنية وقانونية تُطبق على الجميع حتى لا تتكرر مثل هذه الخطايا مرات أخرى.