د. وحيد عبدالمجيد
''لم تمض أسابيع على ثورة 23 يوليو حتى كانت الأحزاب السياسية القائمة وقتها قد صارت تاريخا بعد قرار حلها. ولكن الوضع كان مختلفا بعد ثورة 25 يناير.
فلم تمض عليها شهور حتى كان عدد الأحزاب قد تضاعف، ومازال فى ازدياد. غير أنه فى الوقت الذى لم يثبت أى من هذه الأحزاب وجوده، أخذت تلك التى كانت قائمة فى الاضمحلال بسرعة قياسية.
كانت هناك بضع أحزاب معارضة معروفة تمكنت من إيجاد موضع قدم لها فى ساحة سياسية ظلت مغلقة ومحكومة من أعلى منذ أن قرر الرئيس الراحل أنور السادات تحويل المنابر الثلاثة التى أنشأها فى إطار التنظيم الواحد (الاتحاد الاشتراكى ) إلى أحزاب سياسية فى نوفمبر 1976.
كان هناك حزبان معارضان فى ذلك الوقت هما التجمع والأحرار. وقد اندثر كلاهما، وإن حافظ التجمع على حضور شبه رمزى يعود إلى وجود شخصيات معروفة فى قيادته، وبعضهم مثقفون وصحفيون لهم وزنهم.
ونشأ بعد ذلك حزب الوفد وحزب العمل ثم الحزب الناصرى إلى جانب نحو 20 حزباً لم تكن الأغلبية الساحقة من المصريين تعرف أسماءها. ومازال معظم هذه الأحزاب موجوداً من الناحية القانونية، ويحاول بعضها أن يجد مكاناً له بين القوائم المتنافسة فى الانتخابات النيابية القادمة.
وبينما انتهى حزب العمل عندما أسفر الصراع داخله عن سيطرة اتجاه إسلامى راديكالى خاض صداماً ضد نظام مبارك، اندثر الحزب الناصرى فعلياً ولم يعد له ذكر تقريباً.
وظهر فى السنوات الأخيرة من عهد مبارك حزبان معارضان كان لهما حضور بمقاييس تلك المرحلة، وهما حزب الغد وحزب الجبهة الوطنية. غير أن أولهما اندثر بعد أن غير اسمه إلى »غد الثورة«، بينما اندمج الثانى فى حزب المصريين الأحرار الذى أُنشئ بعد الثورة.
وهكذا لم يبق من أحزاب ما قبل الثورة إلا حزب الوفد الذى بدا مُبَّشرا عندما تجاوز بسرعة أزمة انسحابه من »التحالف الديمقراطى« فى انتخابات 2011، وحصل على أكبر عدد من المقاعد بعد الأحزاب »المدنية«. ولكن تجدد أزمته الداخلية أنهكه فى الشهور الأخيرة، وأصبح مهدداً بأن يقبع بدوره فى مكان قصى من الساحة السياسية.