د. وحيد عبدالمجيد
كان الخبر الأساسي الذي تم نشره وبثه في مختلف وسائل الإعلام عن اجتماع مجلس الوزراء يوم الأربعاء الماضي أنه بحث وضع برنامج شامل للحكومة, علي أن يستمر إعداده خلال الأشهر الثلاثة المقبلة إلي حين عقد مجلس النواب لتقديم هذا البرنامج إليه.
ولو أن مثل هذا حدث في دولة التحقت بالعصر الحديث لوقع علي شعبها وقع الصاعقة. وهذا بافتراض إمكان حدوث ذلك في أي دولة حديثة تشكل الحكومة فيها منذ البداية وفق رؤية واضحة ومحددة يعبر عنها برنامج شامل يتم اختيار الوزراء علي أساسه.
ولكن ما يحدث في مصر لا علاقة له بتشكيل الحكومات في هذا العصر. وليست هذه مشكلة الحكومة الحالية وحدها, بل مختلف الحكومات منذ عدة عقود0 فلا رؤية للحكومة, لأنها تتصرف علي أساس أن رئيسها ووزراءها ليسوا إلا معاونين لرئيس الجمهورية.
وجرت العادة علي أن يتم اختيار رئيس وزراء بناء علي انطباع يتكون لدي رئيس الجمهورية من خلال متابعته للوزراء. ويبحث رئيس الحكومة المكلف عن وزراء إما في دوائر علاقاته التي يعرفها, أو من خلال تقارير رقابية أو أمنية تقدم إليه. ولا يعرف أي وزير في الأغلب الأعم لماذا تم اختياره علي وجه التحديد بعيدا عما يتم تداوله عن الكفاءة وحسن السمعة.
والحال أنه لا معني للحديث عن كفاءة بدون تحديد المهام المحددة المطلوبة من الوزير. ولا يمكن تحديد هذه المهام بدون برنامج شامل0
ولكن الحكومة بدأت للتو في بحث, وليس تنفيذ, برنامجها. ويعني ذلك أنها ستعمل يوما بيوم بلا رؤية ولا برنامج ولا خطة حتي تضع البرنامج0 كما أننا لا نعرف بعد نوع هذا البرنامج0 ولكن التجارب السابقة تفيد أن البرامج التي توضع بغرض تقديمها إلي البرلمان تكون عادة روتينية تمثل حاصل جمع ما تقدمه كل وزارة, أي أن الرؤية تظل غائبة والاتجاه يبقي غامضا.
فالبرامج التي توضع من أجل تقديمها إلي برلمانات لا يسمح تكوينها برقابة دقيقة وفاعلة ومؤثرة إنما تهدف إلي مجرد نيل الثقة, أي أنها برامج تؤدي وظيفة روتينية. ولذلك فلا غرابة أن تخلو هذه البرامج من التجديد والتطوير, وينعدم فيها الخيال الذي تزداد الحاجة إليه بمقدار ما تتفاقم الأزمات وتتراكم الاختلالات.