د. وحيد عبدالمجيد
مشاركة هزيلة، وليست فقط ضعيفة، فى انتخابات نقابة الأطباء فى جميع المحافظات يوم الجمعة الماضي. 6% فقط ممن لهم حق الاقتراع أدلوا بأصواتهم، وفق ما أعلنته اللجنة المشرفة على هذه الانتخابات.
فهل رأت السلطة القائمة هذا المشهد، وهل اهتم أحد فيها بدلالاته، وهل فكر من يعتقدون أن ضرورات الأمن تفرض تضييق المجال العام وتقييد الحريات فى إمكانية أن يكون هذا المشهد المؤلم نتيجة لمنهجهم الذى بات فى أمس الحاجة إلى مراجعة جادة، وهل ربط أى ممن يرون أن أنه «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة» ضد الإرهاب و«الإخوان» أن هذا الموقف السلبى تجاه الحرية يعنى انصراف المجتمع عن المشاركة فى أى عمل عام، وهل استطاع بعضهم أن يخرج من «الصندوق المغلق» الذى يفكرون فيه ليلاحظ أن هذا الانصراف لا يتجزأ، وأن من يعزفون عن الانتخابات إنما يبتعدون فى الوقت نفسه عن المشاركة فى مواجهة الإرهاب؟
ليس هذا إلا غيضاً من فيض أسئلة يستدعيها المشهد المؤلم الذى تابعناه يوم الجمعة الماضى فى نقابة الأطباء العامة والنقابات الفرعية كافة.
وإذا لم يكن من خلقوا الأجواء التى أدت إلى هذا العزوف، الذى سنرى مثله فى انتخابات مجلس النواب بعد أيام، فهل سمعوا تعليق رئيس لجنة انتخابات نقابة الأطباء د. رشوان شعبان عليه عندما قال إن ضعف المشاركة فى الانتخابات يرجع إلى حالة الإحباط العامة التى يعيشها المجتمع، والأطباء جزء منه.
وهل وجدوا فى هذا التعليق، إذا كانوا قد سمعوه، ما يدعو إلى القلق لأن المجتمع المحبط ليس قادراً على أى فعل إيجابى بوجه عام، وليس فى الانتخابات فقط، وهل لاحظوا مدى تناقض واقع هذا الإحباط مع الخطب والأغانى والأناشيد الحماسية التى قد يظن من يسمعها فى الخارج أن مصر تتدفق حيوية ونشاطا، وأن الناس فيها يتسابقون للمشاركة فى بنائها وتقدمها متفائلين مستبشرين، وهل توقعوا بناء على ذلك أن تكون نسبة المشاركة فى انتخابات مجلس النواب أدنى بكثير مما قد يتصورونه، وربما من معظم الانتخابات السابقة؟
والحال إنه إذا كان الارهاب خطرا كبيرا, فالأجواء المرتبطة بتضييق المجال العام لا تقل خطرا لأنها تؤدى الى ازدياد العزوف عن العمل العام وتفريغ المجتمع من الطاقة التى تشتد الحاجة اليها الآن أكثر من أى وقت مضي.