د. وحيد عبدالمجيد
إحدى الظواهر الشائعة فى الانتخابات الحالية، كما فى كثير من الانتخابات السابقة، هى الدعاية بواسطة الغير. ففى مختلف الدوائر الانتخابية، نجد لافتات كبيرة مصنوعة من مواد مختلفة تتضمن ما يفيد أن شخصا ما يؤيد مرشحا معينا. وتحمل بعض هذه اللافتات دعوة إلى انتخاب المرشح الذى وُضعت لتأييده، وذكرا لمناقبه.
وهذا النوع من الدعاية مشروع لا ينطوى على مخالفة. ولكنه ينبغى أن يدخل ضمن تكلفة الدعاية الانتخابية التى يفصح عنها المرشح، أو المحاسب المسئول عن إعداد التقرير المالى الذى يقدمه إلى اللجنة العليا للانتخابات. كما ينبغى أن تظهر قيمة هذه اللافتات التى وُضعت لدعم أى مرشح فى حسابه البنكى الذى يُفترض أن يخضع لرقابة حقيقية جادة، ولا يبقى شكلا لمجرد استكمال أوراق الترشيح.
فالهدف من إلزام كل مرشح بفتح حساب فى بنك أو صندوق توفير هو إدراج كل الموارد التى يُخصصها هذا المرشح أو يحصل عليها من الغير فيه، وتسجيل كل ما ينفقه على الدعاية الانتخابية وأوجه هذا الإنفاق بشكل تفصيلى.
غير أن التعامل مع الحد الأقصى الذى يحدده القانون لهذه الدعاية بطريقة شكلية، وعدم وجود آليات لمراقبة الالتزام به عبر تقدير ما ينفقه كل مرشح، حوَّل العملية الانتخابية من تنافس وفق قواعد محترمة إلى صراع منفلت بلا رادع قانونى.
ولذلك لا يلتزم كثير من المرشحين بما يفرضه قانون مباشرة الحقوق السياسية من ضوابط للدعاية الانتخابية، ويتحايلون عليها موقنين بأنه لا رقابة على سلوكهم ولا مساءلة بالتالى ولا محاسبة على مخالفاتهم.
وإحدى صور التحايل عدم إدراج قيمة اللافتات التى يضعها مؤيدو المرشح لدعمه بدعوى أنها لم تتم عن طريقه، بالمخالفة للمادة 56 من قانون مباشرة الحقوق السياسية التى تنص على أن (للمترشح أن يتلقى تبرعات نقدية أو عينية من أى شخص طبيعى مصرى، أو من الأحزاب السياسية، بشرط ألا يتجاوز التبرع النقدى أو العينى 5% من الحد الأقصى المصرح به للدعاية الانتخابية).
وما اللافتات التى يعلقها مؤيدو أى مرشح لدعمه إلا جزء من التبرعات العينية المنصوص عليها فى هذه المادة، والتى ينبغى أن تُحسب قيمتها ضمن الحد الأقصى الذى يحدده القانون.