بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
نُسب إلى الكاتب الكبير توفيق الحكيم قوله ذات يوم، ساخراً أو غاضباً، إن قيمة القدم أصبحت أعلى من القلم، قاصداً المقارنة بين أوضاع الأدباء وغيرهم من أصحاب الأقلام، ولاعبى كرة القدم.
وبغض النظر عن مدى صحة ما نُسب إليه, فقد أنتج المونديال المنصرم حالة لا تكون فيها القدم فوق القلم، بل يوضعان معاً على قدم المساواة فقد قررت هيئة النقل فى باريس تغير أسماء ست محطات للمترو فى إطار الاحتفاء بفوز المنتخب الفرنسى ببطولة كأس العالم للمرة الثانية. ومن بينها محطة ظلت تحمل منذ إنشائها اسم فيكتور هوجو أحد أبرز أُدباء فرنسا والعالم فى القرن التاسع عشر.
أرادت الهيئة تكريم قائد المنتخب الفرنسى هوجو لوريس، فتفتق ذهن القائمين عليها عن فكرة غريبة هى تغيير اسم تلك المحطة بطريقة تؤدى إلى تقاسمه بين هذا اللاعب، والأديب الكبير، فأطلقت عليها محطة فيكتور هوجو لوريس. ورغم أن لوريس يلعب بيديه أساساً، كونه حارس مرمى، فهو يظل لاعب كرة قدم أولاً وأخيراً.
ويعنى هذا أن حارس مرمى المنتخب الفرنسى، ونادى توتنهام الانجليزى، يساوى فى أهميته الأديب الذى يُعد واحداً من أقل من مائة فرنسى دُفنوا فى مقبرة العظماء »البانتيون«، أو نقلت جثامينهم أو رفاتهم إليها بعد دفنهم فى مقابر أخرى تخليداً لهم.
ورأى البعض فى تقاسم اسم محطة مترو بين أديب عظيم، ولاعب كرة قدم ماهر، نوعاً من تقليل شأن المُبدعين الذين كانوا يُعرفون قبل عصر الكومبيوتر بأصحاب الأقلام. غير أن الإجادة فى الألعاب الرياضية عموماً، وكرة القدم خصوصاً، تنطوى على نوع من الإبداع أيضاً. ولعل منهج المدير الفنى للمنتخب الفرنسى ديديه ديشان فى مونديال روسيا كان الأكثر إبداعاً فى أداء هذا المنتخب الذى أحرز اللقب. وقد أُطلق اسمه أيضاً على محطة نوتردام فصارت »نوتر ديديه ديشان«. فقد قدم إضافة ثرية فى استخدام خطة لعب يُطلق عليها دفاعية على نحو جعلها أكثر فاعلية فى تحقيق الفوز.
فى كرة القدم، إذن، نوع من الإبداع يرفع شأن اللاعبين والمدربين الأكثر مهارة وتفوقاً فيها، فضلاً عن أن شعبيتها الجارفة تتيح وصول هذا الإبداع إلى أعداد لا تُحصى من البشر.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
المصدر: الأهرام