بقلم - د. وحيد عبدالمجيد
ليس سهلاً أن ينسى الإسرائيليون وقائع هزيمتهم فى حرب أكتوبر 1973. يجوز تصور أن يتناسى بعضهم ما حدث فى تلك الحرب حين يحاولون التشكيك فى الانتصار المصرى.
ولكن عندما يكون هؤلاء الذين يتناسون، ويكذبون، صحفيين فى صحيفة «يديعوت أحرونوت»، يبدو هذا مدهشاً لأن اثنين من محررى هذه الصحيفة نفسها شاركا فى أحد أهم الكتب التى وثَّقت هزيمة الدولة العبرية بتفاصيلها.
لا نعرف هل مازال بن بورات وايتان هابر على قيد الحياة، وكيف تلقيا الرواية الزائفة التى نشرتها «يديعوت أحرونوت»، وهما اللذان شاركا فى توثيق القصة الحقيقية للحرب فى حينها، مع خمسة صحفيين آخرين منهم أربعة فى صحيفة «معاريف»، وواحد فى مجلة «هاعولام هازى». اشترك الصحفيون السبعة فى كتابة كتاب «التقصير – قصة الحرب العربية – الإسرائيلية» الصادر عام 1974، ورووا وحللوا ما حدث فى الفترة من 7 إلى 26 أكتوبر 1973.
وفى نهاية الفصل الأول من هذا الكتاب، نقرأ كيف عبروا عن الوضع فى إسرائيل بعد 24 ساعة على نشوب الحرب: (إن إسرائيل التى كانت تعتبر فى ذلك الوقت قوة عسكرية يُضرب بها الأمثال فى العالم، والتى حققت منذ ستة أعوام أعظم انتصار فى تاريخ الحروب الحديثة، باتت تتخبط كالحيوان المطارد من أجل بقائه، بعد أن أصبحت مهددة).
وينتهى هذا الفصل بالسؤال الذى سعى المؤلفون إلى الإجابة عنه، وهو وفق صياغتهم: (كيف أمكن حدوث هذا الانقلاب الشامل فى مثل هذه الفترة القصيرة من الزمن؟). ونختار مما سجلوه، فى سياق إجابتهم عن السؤال، ثلاثة أخطاء كبرى تفسر ما وصفوه بالانقلاب الشامل. أولها خطأ إدارات مخابرات الجيش الإسرائيلى المسئولة عن جمع المعلومات الخاصة بتحركات «العدو» وتفسيرها. والثانى مجلس الحرب الإسرائيلى حين أساء تقدير الموقف، ووقع فى الشرك الذى نصبه له «العدو». أما الخطأ الثالث فهو أن القيادة العليا لقوات «الدفاع» الإسرائيلية لم تُقَّيم تقديرات إدارات المخابرات ومجلس الحرب، لأنها لو كانت قد فحصتها جيداً لمضت فى الاستعدادات الأولية لشن هجوم مضاد فى أية لحظة.
وليس هذا الكتاب إلا مثالاً واحداً على ما سجله الإسرائيليون عن حرب لن يكون فى إمكانهم الطعن فى نتائجها أو ملابساتها مهما حاولوا التشكيك فيها.