د. وحيد عبدالمجيد
يرفض قادة جماعة «الإخوان» الاعتراف بأخطائهم، ويتعالون على الواقع الذى أنكروه خلال فترة حكمهم، ويعيدون إنتاج حالة محنة مصنوعة هذه المرة لأنهم المسئولون عنها مع حلفائهم. ومع ذلك يبدو فيما يقوله بعضهم أحياناً ما يدل على إدراكهم أنهم ارتكبوا أخطاء جسيمة، ولكن دون أن يقروا بذلك صراحة.
واذا تأملنا الاتهام الذى وجهه د. حمزة زوبع للسلفيين و«الجماعة الإسلامية» قبل أيام بأنهم السبب فيما أسماه دخول «الإخوان» السجون, نجده اما تعبيرا عن إعتراف ضمنى بارتكاب أخطاء, أو إقرار واضح بافتقاد أى رُشد سياسي.
فقد كان «الإخوان» عندما وقعت رئاسة الجمهورية بين أيديهم فى مفترق طريقين. غير أنهم اختاروا طريق الندامة منذ اليوم الأول. ولم يكن هذا الاختيار مفروضاً عليهم من السلفيين ومن اسماهم زوبع «التكفيريين». كان هذا هو خيارهم لتحقيق ما يُطلق عليه صقورهم «التمكين» الذى تخيلوا أنه بات قاب قوسين أو أدني.
ولذلك كانوا هم الذين فتحوا الباب أمام حزب النور لدفعهم فى هذا الطريق حتى نهايته عبر تحكمه مع حلفائه الذين تحدث عنهم زوبع فى صياغة دستور يرمى إلى أن تكون الدولة شبه دينية.
وتتيح مطالعة أعمال الجمعية التأسيسية، التى انسحب منها أكثر من ثلث أعضائها رفضاً لإصرار التحالف الإخوانى السلفى وقتها على دستور شبه ديني، معرفة حجم الدور الذى قام به ممثلو حزب النور فى دفع «الإخوان» إلى الهاوية بالفعل. غير أنه ما كان فى إمكان حزب النور وحلفائه أن يفعلوا ذلك إلا لأن «الإخوان» اختاروا الطريق الكارثى الذى مضوا فيه منذ البداية.
فقد اتبع «الإخوان» تكتيكا قاد إلى ترك مهمة إضفاء الطابع الدينى على الدستور للسلفيين مع مساندتهم صراحة حيناً وضمناً فى معظم الأحيان. وعلى سبيل المثال عهد «الإخوان» إلى اثنتين من »الأخوات« بمساندة سعى السلفيين إلى حرمان المرأة من أبسط حقوقها، حين كان الأمر فى حاجة إلى موقف «نسائي» داخل الجمعية فى الوقت الذى كان ممثلو حزب النور ذكوراً بالكامل كما هو معتاد.
ولم تحسب قيادة «الإخوان» أن حزب النور سيغدر بها بعد أن ينال غايته منها، مثلما غدرت هى بالقوى المدنية فور اقتناصها الرئاسة.
وليس هذا إلا فصلا قصيرا فى شريط طويل يأبى قادة «الإخوان» الاعتراف بما حفل به من أخطاء فادحة.