د. وحيد عبدالمجيد
عبر السيد عمرو موسى عن الوضع السياسى الراهن فى مصر تعبيراً دقيقاً عندما وصفه بأنه «عك».
وكان بيانه الذى تضمن هذا الوصف هو أصدق ما قيل عن الحالة السياسية المرتبكة والمربكة، وما تنطوى عليه من اختلالات نخطئ كثيراً إذا واصلنا الاستهانة بها، ولم نُقَّدر عواقبها الوخيمة.
حسم موسى فى بيانه موقفه تجاه انتخابات مجلس النواب التى نتعامل معها باستخفاف، وكأن البرلمان صار «زائدة دودية» لا جدوى منها ويحسن استئصالها. وأكد أنه لن يشارك فيها حتى لا يكون جزءاً من «العك» السياسى.
ومع ذلك، فقد وجد من موقع شعوره بالمسئولية أن عليه تقديم النصح لحزب الوفد (وهو رئيسه الشرفى)، فنبهه الى أهمية (إعادة النظر فى التحالفات التى حدثت مؤخراً، لكى يحافظ على مكانته). وهذه نصيحة أراها مخلصة ومعبرة عما يشعر به كثير من محبى هذا الحزب العريق الذى قبل التحاقاً ذيلياً بقائمة لا يصح أن يكون جزءاً منها حتى إذا كان نصيبه فيها أكبر من الحصة الهزيلة التى مُنحت له.
ولعل أهم ما تضمنه بيان موسى هو التنبيه إلى أن مصداقية مصر السياسية لن تكتمل إلا بالتنفيذ الكلى لخريطة الطريق، وأن وجود البرلمان ضرورى ليس فقط لهذه المصداقية ولكن لإدارة الحكم بطريقة جيدة أيضاً. كما أشار إلى أهمية الديمقراطية التى يتم الاستخفاف بها مجدداً، وكأننا «محَّصنون» ضد استيعاب الدروس من تجاربنا وعاجزون بالتالى عن فهم أن غياب الديمقراطية كان السبب الرئيسى وراء الفشل التاريخى الذى انتهى إليه نظام حسنى مبارك بعد ثلاثة عقود من التحايل عليها.
وأصاب موسى أيضا عندما دعا إلى إجراء الانتخابات المحلية بعد شهور قليلة من انتهاء انتخابات مجلس النواب، مذكراً بأن ربع مقاعد المجالس المحلية أصبحت للشباب، وأن ربعاً آخر منها صار للمرأة وفقاً للدستور الحالى، بما يعنيه ذلك من تغير فى تركيبها وضخ دماء جديدة فيها.
ولذلك يمكن أن تجدد الانتخابات المحلية الأمل الذى يخبو الآن فى تطور ديمقراطى لا بديل عنه لتحقيق تنمية اقتصادية ناجحة تحتاج إلى مشاركة مجتمعية واسعة وحماس للعمل يصعب تصوره بدون توافر مقومات الحرية، وإيجاد التوازن الضرورى بينها وبين متطلبات الأمن.
ولذلك يأتى بيان موسى فى الوقت الذى تشتد الحاجة إلى جرس إنذار ينَّبه إلى أخطار «العك» السياسى من موقع الحرص على مستقبل ينبغى أن يصنع على أسس صحيحة.