د. وحيد عبدالمجيد
اختلف إحياء ذكرى ميلاد المناضل الأمريكى زعيم حركة الحقوق المدنية والمساواة مارتن لوثر كينج هذا العام عن أى مرة سابقة بسبب اقترانها بأحد أعنف موجات الصراع العرقى منذ أن انطلقت تلك الحركة فى ستينيات القرن الماضى.
فقد حلت هذه الذكرى فى أجواء هجمة عنصرية بغيضة جديدة شنتها الشرطة فى بعض المدن وخاصة فيرجسون ونيويورك. وتنطوى هذه المفارقة على درس جديد لمن يحبطون أنفسهم وغيرهم ويصيبهم التشاؤم بشأن مستقبل الحرية فى بلادنا نتيجة اعتقادهم أن الثورات والحركات التحررية تملك عصاً سحرية تضرب بها فتحقق كل ما يحلم به المعذَّبون فى الأرض.
تزامن إحياء ذكرى ميلاد لوثر كينج مع الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير، فى ظروف صعبة تمر بها هذه الثورة مثلها فى ذلك مثل حركة الحقوق المدنية فى أمريكا. وإذا كان نضال الأمريكيين من أجل ترسيخ هذه الحقوق بشكل نهائى مازال مستمراً على مدى نحو نصف قرن، فكيف يمكن تخيل تحقيق أهداف ثورة تحررية أكبر - من حيث إنها تمثَّل قطيعة مع ماض بغيض وليس فقط تصحيحا لبعض اختلالات حدثت فيه خلال أربع سنوات فقط.
والحال أن الخبرة التاريخية لهذا النوع من الثورات والحركات التحررية تفيد أنها تمر فى مسار طويل متعرج يتخلله صراع ممتد مع القوى المضادة لها.
وهذا هو ما ينبغى أن نستوعبه من التاريخ، وأن نستلهمه من خبرات الثورات والحركات التحررية التى يتواصل نضال أنصارها بمختلف الوسائل كما يفعل دعاة الحقوق المدنية فى أمريكا الآن من خلال فيلم «سيلما» الذى بدأ عرضه قبل أيام من إنتاج النجمة السمراء الرائعة أوبرا ويبفرى.
ويهدف هذا الفيلم إلى نشر مزيد من الوعى بالحقوق المدنية التى لا تكتمل أى ديمقراطية دونها، مستخدما مدينة «سيلما» التى انطلق منها النضال من أجل هذه الحقوق فى مسيرة مهيبة بدأت بآلاف قليلة وظلت تكبر كما لو أنها كرة ثلج تتدحرج، وقطعت نحو 85 كم على الأقدام حتى مدينة مونتجومرى.
ومازال هذا النضال مستمرا، بل صار مرشحا للتصاعد بعد الإحباط المترتب على أداء أوباما الذى خيبَّ آمال من قالوا له: (نعم نحن نستطيع)، وفى أجواء إحباط من الطبقة السياسية0 ولذلك قد لا يكون من المبالغة التساؤل عما إذا كانت أمريكا مقدمة على ثورة من نوع جديد.