د. وحيد عبدالمجيد
كيف يستقيم الفصل الضرورى بين النشاط الحقوقى الذى ينبغى أن يكون محايداً، والعمل السياسى الذى ينطوى بطابعه على انحيازات، اذا ُعهد إلى مجلسى النواب والوزراء باختيار أعضاء المجلس القومى لحقوق الإنسان؟
هذا السؤال يثيره ما نُشر عن مشروع قانون جديد للمجلس القومى لحقوق الإنسان يتضمن طريقة اختيار أعضائه بحيث يتم تعيينهم بقرار من رئيس الجمهورية بناء على ترشيح من مجلس النواب ومجلس الوزراء. وإذا صح هذا النص، سيظل حلم الاستقلال المأمول للمجلس القومى لحقوق الإنسان سراباً بعيد المنال.
فليس واضحاً فيما نُشر الدور المحدد لكل من مجلسى النواب والوزراء، أى السلطتين التشريعية والتنفيذية، فى اختيار أعضاء المجلس بعد أن تتلقى (اللجنة البرلمانية المختصة بحقوق الإنسان الترشيحات وفق نظام يتسم بالشفافية) حسب ما ورد فى المشروع الذى نشرته بعض الصحف.
وأياً تكون صيغة تقسيم العمل بين مجلسى النواب والوزراء فى هذا المجال، سيتم تشكيل المجلس من خلال مساومات وتفاهمات سياسية سواء داخل مجلس النواب، أو فى مجلس الوزراء. وربما يؤدى ذلك إلى نوع من المحاصصة الضمنية, أو إلى انفراد السلطة التنفيذية باختيار أعضاء مجلس حقوق الإنسان فى غياب البرلمان.
ويعنى ذلك أن المجلس الذى ظل تابعاً للحكومة بشكل كامل، أو ساعياً إلى هامش ضئيل من الاستقلال النسبى كما هو الحال الآن، قد يصبح فى وضع أسوأ بخلاف ما كان منتظراً.
والحال أن هناك صعوبة حقيقية فى الظرف الراهن تواجه إيجاد آلية لتشكيل هذا النوع من المجالس القومية تضمن استقلالها، وخاصة فى حالة المجلس الذى يقع على عاتقه مراقبة التجاوزات والانتهاكات التى تقع على حقوق الإنسان والحريات العامة، والسعى إلى وقفها وليس فقط رصدها، واقتراح السبل الكفيلة بمعالجتها ومنع تكرارها.
وربما لا يتحقق الحلم بمجلس قومى لحقوق الإنسان يتمتع باستقلال حقيقى قبل تحرير المنظمات العاملة فى هذا المجال من القيود فى إطار صيغة تجمع بين إطلاق حريتها من ناحية وحماية الأمن القومى من خلال ترتيبات تضمن شفافية كاملة فى أدائها, وليس هذا صعباً فى حد ذاته، ولكن طريقة إدارة الشأن العام والنظرة الحكومية السلبية إلى النشاط الحقوقى هى التى تجعله كذلك.