وهم القيادة العربية
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

وهم القيادة العربية!

وهم القيادة العربية!

 الجزائر اليوم -

وهم القيادة العربية

بقلم : خالد الدخيل

ليس هناك أكثر تعبيراً عن عمق المأزق العربي من المشهد في المنطقة. انهيارات تتوالى في العراق وسورية. حرب أهلية في ليبيا واليمن. الموصل تتعرض للتدمير، وحلب دمرت، والرئيس بشار الأسد يهنئ السوريين بتدمير هذه المدينة العريقة على يد الروس والإيرانيين وميليشيات أجنبية. فعل الأسد ذلك مع معرفته بأن سقوط حلب كان ثمرة لتفاهم تركي - روسي بدأ العام الماضي، يؤسس لحل سياسي في سورية من خلال مفاوضات بين أطراف الأزمة ينتظر لها أن تُعقد في الأستانة عاصمة كازاخستان برعاية روسية - تركية. هذا ما أشار إليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثناء زيارته اليابان الأسبوع الماضي، وتناولته مصادر إخبارية متعددة بينها صحيفة «حريت» التركية أمس. ولا يكتمل نكد المشهد إلا بدول عربية لا تزال على رغم كل هذه المآسي في حاجة إلى وساطات لحل الخلافات في ما بينها.

والمحزن في هذا المشهد العربي ليس أن مسلسل الانتكاسات لا جديد فيه وحسب، بل إن بعض الخلافات التي تساهم في هذه الانتكاسات تستند إلى أوهام وليس إلى حقائق ومصالح معتبرة. أحد هذه الأوهام يختزل في سؤال: مَن مِن الدول العربية لها حق قيادة العالم العربي؟ وهو سؤال تنشغل به النخبة الثقافية والسياسية في مصر أكثر من غيرها. يرى هؤلاء أنه لا مخرج للعالم العربي إلا بعد أن تستعيد القاهرة دورها في قيادة المنطقة كما كان عليه الأمر أيام الرئيس جمال عبدالناصر. أمنية كل عربي في هذه اللحظات الحرجة أن تتقدم مصر، أو أي دولة عربية أخرى، لتولي زمام القيادة. لكن هل هذا ممكن عملياً؟

وهل كانت مصر تقود العالم العربي أيام عبدالناصر؟ إن مصر لها تاريخ عريق، وإنها الأكبر ديموغرافياً والأقوى عسكرياً، وكانت لها سابقة الاتصال المباشر بالثقافة الأوروبية الحديثة في نهايات القرن الـ 18، كل ذلك ليس مجالاً للجدل والاختلاف. وإن جمال عبدالناصر كان يتمتع بشعبية كبيرة داخل مصر وفي أنحاء العالم العربي، أيضاً كان حقيقة ماثلة. لكن كل ذلك شيء وقيادة منطقة بحجم العالم العربي شيء آخر. يغيب عمن يقول بعكس ذلك أن عبدالناصر ونظامه، كان دائماً في حال اختلاف وصراعات حادة أحياناً لا تنتهي مع البعث في العراق وسورية، ومع الأردن والسعودية والمغرب. حتى مع الجزائر لم يكن على وفاق دائم ومستقر معها. كان العالم العربي يمر حينها بما بات يعرف بـ «الحرب العربية الباردة». وهذا دليل على تمكن الاختلاف وتصادم المصالح، وبالتالي غياب رؤية سياسية مشتركة للدول العربية تؤسس لانتظامها في تحالف تقوده دولة بعينها. بل تبين أن النظام المصري في عهد عبدالناصر كان منقسماً إلى كتل ومراكز قوى بينها صراعات خفية يغطيها وجود الزعيم الشعبي. وقد انكشف كل ذلك بعد هزيمة حزيران(يونيو) مباشرة، ثم انفجر بعد وفاة عبدالناصر وتولي أنور السادات للحكم في خريف 1970.

هناك شروط أخرى لا بد من توافرها في أي دولة تطمح لقيادة إقليمية، مثل القدرات السياسية والاقتصادية والعسكرية لتحمل آليات وتكاليف مثل هذه القيادة. وليست هناك دولة عربية، بما في ذلك مصر، تملك من الموارد والمؤسسات، والإمكانات التي يتطلبها هذا الدور. دونك الدور الأميركي في قيادة العالم الغربي وما ينخرط فيه من موارد بشرية وطبيعية ومؤسسات، ونشاطات سياسية وقانونية، وتحالفات، ومصالح ورؤى مشتركة، ومراكز أبحاث، وجامعات، ومصانع، واستثمارات عابرة للحدود، وموازنات فلكية، وقواعد عسكرية في مختلف القارات، وأساطيل تمخر البحار والمحيطات. هذا لا يعني أنه لا يمكن لمصر أو أي دولة عربية أن تمتلك ذلك مستقبلاً، لكن لهذا متطلبات ليست متوافرة حتى الآن.

منذ عبدالناصر وحتى الآن عايش العالم العربي خطابات مصرية أقل ما يقال فيها إنها تفتقد الاستمرارية والانسجام. خطاب ناصري قومي، وخطاب مصري نشط في عهد السادات، وخطاب مصري منكفئ في عهد حسني مبارك. والآن نحن أمام خطاب مصري مضطرب لم يستقر على حال، وليست له ملامح واضحة داخلياً وخارجياً. يقول بالديموقراطية والانتماء لثورة 25 يناير، لكنه يتصرف بما يتناقض مع ذلك في سياساته الداخلية. في الخارج يقول إنه مع «الجيش الوطني في سورية والعراق وليبيا»، وليس مع الشعب في هذه الدول. وهو ما يتناقض قبل أي شيء آخر مع دعوى أنه ينتمي الى ثورة 25 يناير. وإلا كيف يحاكم هذا النظام حسني مبارك الذي ثار عليه الشعب في مصر، ثم ينحاز إلى بشار الأسد ضد الشعب في سورية؟ وكيف يمكن لهذا النظام أن يقود العالم العربي وهو يرفض الاعتراف بالواقع السياسي للدول التي يدعم الجيوش فيها، ومشغول بموضوع «الإخوان» أكثر من انشغاله بالتحديات التي تواجهها مصر والعالم العربي؟

كان العالم العربي يمر في بداية النصف الثاني من القرن الماضي بحال شعبوية طاغية انطلقت مع حركات التحرر الوطني. وهي حال اتضح لاحقاً أن النخب الحاكمة حاولت استثمارها لمصالحها قبل أي شيء آخر. كانت حالاً أميل الى العشوائية منها للانسجام. وهذا يعود للهوة التي كانت تفصل بين الدول، وبين الجماهير ونخبها السياسية، بمن فيها عبدالناصر. إذ كان قرب الأخير من الجماهير قرباً عاطفياً. أما سياسياً فكان الرجل في مكان آخر. لذلك انفجرت الفقاعة في شكل سريع ومدو في أعقاب الهزيمة التي كانت موجعة مصرياً وعربياً. ولا ينتبه القائلون بقيادة مصر للعالم العربي في عهد عبدالناصر بأن قولهم هذا ينطوي على أن هذه القيادة انتهت إلى الهزيمة والفشل، وتلاشي الفكرة الناصرية داخل مصر قبل غيرها. ولا أظنهم يريدون ذلك.

الشاهد في كل ذلك أن الواقع السياسي العربي كما يتفسخ أمامنا الآن لم يكن يسمح من قبل بدور قيادي لهذه الدولة العربية أو تلك، ولا يتسع له الآن. يطول الحديث عن أسباب ذلك. لكن يمكن الإشارة إلى ثلاث خصائص لهذا الواقع تمنع مجتمعة تبلور دور قيادي لدولة عربية بعينها. أولاً أنه رهينة لأزمة حكم بين الدولة ومجتمعها لم يتم تجاوزها منذ قرون. ونتيجة لهذه الأزمة صارت المؤسسات العسكرية والأمنية هي أقوى مؤسسات الدولة، بل تكاد تختزل الدولة في ذاتها ودورها. تمثل هذه الأزمة مصدر اختلاف وصراعات في الرؤى والمصالح داخل الدول، وفي ما بينها. وليس مفاجئاً والحال كذلك أن انفجرت الأزمة أخيراً على شكل حروب طائفية متوحشة في العراق وسورية واليمن وليبيا. ووصل الأمر أن أفرزت هذه الأزمة ميليشيات أصبحت تنافس الدول. آخر مظاهر ذلك شرعنة ميليشيا «الحشد الشعبي» بقرار من «البرلمان» العراقي لتنافس الجيش والدولة معاً. ثانياً، من الطبيعي في مثل هذه الحال أنه لا توجد رؤية عربية مشتركة، سياسية واقتصادية على رغم وجود الجامعة العربية لأكثر من 60 سنة.

وعلى خلفية ذلك، وهذا ثالثاً، تكاد تنعدم الثقة بين الدول العربية. ووصل انعدام الثقة إلى أن القيادتين العراقية والسورية حالياً لا تثقان إلا بإيران من منطلقات مذهبية وليس لأي شيء له علاقة بالشعب الذي تحكمه أو بالدولة التي تمثلها. بعبارة أخرى، تلتقي هاتان القيادتان مع القيادة الإيرانية أكثر مما تلتقيان مع شعوبهما، دع عنك الدول العربية الأخرى. أمام مثل هذا الواقع يصبح الحديث عن قيادة عربية بخطاب تتم استعادته من الماضي نوعاً من الهروب إلى الوهم وليس حديثاً عن رؤية متماسكة. المطلوب في مثل هذه الظروف واضح، وهو أن تلتقي الدول العربية التي لم تتأثر بعاصفة الربيع العربي على تفاهمات الحد الأدنى، والتأسيس لقيادة مشتركة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وملء الفراغ الذي تتسلل منه الأزمات وتستفيد منها الميليشيات، والتدخلات الأجنبية، وأولها التدخل الإيراني. لكن حتى هذا يبدو صعب المنال الآن. يبدو التمسك، في هذه الحال، بشرط قيادة مصر نوعاً من الهروب من المسؤولية والواقع معاً، نحو وهم حماية النخبة السياسية لذاتها وليس لمصر، أو استعادة دور قيادي لها لم يكن موجود أصلاً.

المصدر : صحيفة الحياة
 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وهم القيادة العربية وهم القيادة العربية



GMT 04:32 2018 السبت ,21 تموز / يوليو

لا حرب إيرانية - إسرائيلية

GMT 02:48 2018 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

سورية مختلفة فعلاً

GMT 00:42 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

موقف أحمد ابن حنبل من الدولة

GMT 11:25 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

كذبة الحرب الكبرى

GMT 08:49 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

خيار الحريري و«حزب الله»

GMT 00:16 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

صيحة جديدة من مكياج "المونوكروم" لموسم خريف 2017

GMT 17:51 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

اختيار تامر شلتوت سفيرًا للسلام في مهرجان ابن بطوطة الدولي

GMT 14:53 2018 السبت ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعب سلة الأهلي يواصل برنامجه التأهيلي في الفريق

GMT 11:36 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 20

GMT 21:44 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

خطوات ترتيب المطبخ وتنظيمه بشكل أنيق

GMT 02:22 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مؤسسات لبنانية تستثمر في إنتاج 2.6 ميغاواط كهرباء من الشمس

GMT 09:16 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

الفراعنة أول من عرفوا السلم الموسيقي

GMT 08:31 2015 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

جامعة بيروجيا إحدى بوابات التعليم للأجانب في إيطاليا

GMT 13:16 2020 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

انطلاق تصوير الجزء الثاني من مسلسل عروس بيروت في تركيا

GMT 19:14 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

علي النمر يبدي سعادته بتحقيق فريقه الانتصار أمام الأهلي
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria