تفوق الغرب وإنكاره عربياً
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

تفوق الغرب وإنكاره عربياً

تفوق الغرب وإنكاره عربياً

 الجزائر اليوم -

تفوق الغرب وإنكاره عربياً

خالد الدخيل

غالبية العرب والمسلمين لا يقرون للغرب بتفوقه الحضاري. هم يقرون له بتفوقه التكنولوجي أو المادي، لكنهم ينكرون أنه حقق أي تقدم أو تفوق ثقافي وأخلاقي. هناك تجاهل، متعمد في جانب منه وعفوي في جانب آخر، للمنجز السياسي والقانوني الغربي، أو تبخيسه بالإشارة إلى ما يبدو لهم أنه تناقضات تنسف هذا المنجز من أساسه. يبدو هذا واضحاً في الاعتراف بالقدرات الصناعية الهائلة للغرب، وفي الوقت نفسه بوصف هذا الغرب بالانحلال الثقافي وانعدام الانضباط الأخلاقي لديه. معظم التيارات والمدارس الفكرية في العالم العربي تلتقي حول هذه النتيجة، وإن اختلفت في ما بينها في تبريرها وتوصيفاتها وتفاصيلها. لم يسأل أحد نفسه هذا السؤال: هل يمكن لثقافة منحلّة وغير منضبطة أخلاقياً أن تكون أساساً لقدرات صناعية هائلة؟ ربما لهذا السبب تكشف الأيام بأن الموقف العربي الإسلامي من الغرب فادح في رؤيته، ومسوغاته، وفي نتائجه. هو موقف يكشف استمرار ارتهان الرؤية العربية الإسلامية (ربما باستثناء ماليزيا وإندونيسيا) لماض لم يعد من الممكن إعادة صياغته إلا بشكل مدمر. لكنه فادح بما هو أخطر من ذلك، لأنه يعبّر عن عجز وانسداد حضاري أكثر منه تعبيراً عن موقف سياسي متماسك، أو رؤية حضارية، أو مشروع حضاري بديل. والأكثر دلالة على تهافت وفداحة هذه الرؤية أنك تجد البعثي والناصري والسني والشيعي والمسيحي، والسلفي والإخواني، والقومي واليساري، كل هؤلاء يلتقون عند هجاء الغرب، والاستهزاء بتهافته الأخلاقي، وتحقير منجزاته السياسية، أو تجاهلها تماماً. وهذا فادح في كلفته لأنه ليس تعبيراً عن إجماع حقيقي، بقدر ما أنه تسابق على ممارسة انتهازية فارغة ليس لها مضمون سياسي، وتفتقر لأدنى صدقية أخلاقية.

هذا تحديداً ما يجمع على سبيل المثال لا الحصر المرشد الإيراني علي خامنئي، وزعيم تنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية (داعش) أبوبكر البغدادي، والأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصرالله، وزعيم «جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني، ورئيس تكتل التغيير والإصلاح اللبناني ميشال عون، والرئيس السوري بشار الأسد الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي (فرع سورية). كان ينتظم مع هؤلاء في التيار نفسه كثر معظمهم رحل عن دنيانا مثل صدام حسين، وحافظ الأسد، وعبدالناصر، وعبدالكريم قاسم، وعبدالسلام عارف، وغيرهم كثيرون. كما يجتمع معهم أيضاً مشايخ سلفيون وإخوانيون، ومن مختلف المدارس والمشارب. وقد انضم إليهم أخيراً زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي. واللافت الآن، ومما له دلالة أن كثيراً من هؤلاء حيث يجتمعون حول انتهازية فجة، يختلفون في كل شيء آخر. يتصادمون ويتقاتلون بشكل دموي بشع في ميادين حروب دينية في العراق وسورية، من منطلقات طائفية لا يخجلون من إعلانها ورفع راياتها.

أعد النظر، وتأمل معي المشهد الذي يمتد عمره الآن لأكثر من قرن من الزمن: زعماء سياسيون، ورجال دين، ومثقفون، ومدارس فكرية وإعلامية، وفنية، ودينية، يمتهنون هجاء الغرب، وتبخيس تفوقه الحضاري، لا ليقدمون بديلاً، وإنما لينتهي بهم الأمر دائماً وأبداً إما إلى اقتتال وحروب بينهم، أو تبرير لمعارك وحروب لا تنتهي. قد يبدو غريباً أن ما يشبه الإجماع هذا على هجاء الغرب وتبخيس إنجازه الحضاري لم يعزز في يوم ما ما يسميه هؤلاء «وحدة الصف» (العربي والإسلامي). بل كان ولا زال يزيد من تمزيق هذا الصف وتبديده، ويزيد دائماً، ياللمفارقة، من مسوغات الحروب والاقتتال بين أطرافه التي لا تمل من الهجاء في الوقت نفسه. كلما زاد الهجاء وارتفعت وتيرته، زادت الخلافات، والانقسامات وارتفعت وتيرتها أيضاً. والأغرب أنه كلما زاد الهجاء تكاثرت أسباب ومبررات الحروب بين الهجائين أنفسهم. ماذا يعني هذا؟ قبل الإجابة، وتمهيداً لها سجل الملاحظات الثلاث التالية: الأولى أن الربيع العربي وصل (لا يمكن القول بأنه انتهى بعد) في معظم بلدانه إلى خريف، بل وشتاء قارس وقاتل. بما وصل إليه تبين لكثيرين أن الربيع مناسبة للعودة، مرة أخرى، إلى المؤامرة، وسيناريوات تقسيم المنطقة. كأن هذه المنطقة إناء من الشوكولاته، أو الفاكهة تنتظر دائماً من يقتسمها ويوزعها من الخارج. هل كان معمر القذافي شريكاً في مؤامرة التقسيم المتوقع في ليبيا؟ وهل الرئيس بشار الأسد شريك أيضاً في تقسيم سورية الفعلي حالياً؟ هل علي عبدالله صالح وعبدالملك الحوثي شريكان في مؤامرة لتقسيم اليمن؟ لن تجد إجابة عند أتباع نظرية المؤامرة. ليس لأنه ليس هناك إجابة، وإنما لأن هؤلاء، مثل الهجائين، مشغولون بتوجيه تهمة المؤامرة للغرب. المؤامرة مريحة تعفي من صداعات التحليل، ومن آلام مواجهة الذات، وتحمل المسؤولية.

الملاحظة الثانية أن الأكثر التزاماً والأرفع صوتاً في هجاء الغرب وتبخيسه ومقاومته، هو الأكثر تخلفاً سياسياً، والأكثر طائفية، والأكثر توحشاً ودموية ضد العرب والمسلمين، وتحديداً ضد الشعب الذي ينتمي إليه ويحكمه. لندع «داعش» جانباً لأنه يقدم نفسه بنفسه. هناك نموذج أقدم من «داعش»، مثل القدوة للأخير وهيأ له البيئة. هو النموذج الذي اجتمعت فيه دائماً صفات الهجاء والطائفية والتوحش. هو النظام السوري. كان ولا يزال أكثر ما يتميز به هذا النظام منذ 1963 هو تلازم التوحش والدموية مع هجاء الغرب، وادعاء مقاومته. ليس مفاجئاً والحال كذلك أن رئيسه الحالي قاد سورية إلى أسوأ وأبشع حرب أهلية في تاريخها. وبعد مقتل أكثر من 300 ألف، وتشريد أكثر من نصف سكان سورية، يملك الرئيس بشار الأسد صفاقة ادعاء أنه يحارب الإرهاب. في السياق نفسه تجد أن «حزب الله»، وهو الأكثر ادعاء للمقاومة ورفع شعاراتها، الأكثر ولوغاً في الدم العربي الإسلامي في لبنان وسورية والعراق، ويحاول فعل الشيء ذاته في البحرين واليمن. من الذي يعمل على تقسيم سورية في هذه الحالة؟ هل هم الروس؟ الأميركيون؟ الاتحاد الأوروبي؟ السعودية وقطر وتركيا؟ أم الإيرانيون وميليشياتهم الشيعية؟ أم قيادة النظام نفسه وحلفائها في الداخل والخارج؟

الملاحظة الثالثة أن الغالبية الساحقة من المهاجرين العرب الذين يفرون من مآسي الحروب الأهلية العربية لا يذهبون إلى دول عربية، ولا إلى إيران. هل تتصور إمكان ذهاب لاجئين سوريين إلى إيران، خصوصاً وأن معظمهم سنة وليسوا شيعة؟ بالمعنى ذاته هل تتصور أن لاجئين شيعة من العراق، أو علويين من سورية سيذهبون إلى الأردن أو السعودية؟ عندما ذهب بعض اللاجئين إلى الأردن ولبنان انتهى بهم الأمر إلى أن أصبحت حالتهم مضرباً للمثل في سوء الاستقبال والإسكان وتقديم الخدمات، وحفظ الكرامات والحقوق. وهذا على رغم أن العرب هم أكثر من يتحدث عن الكرامة، وليس عن الحقوق، وعلى رغم هيمنة حزب «المقاومة والممانعة» الأول في لبنان، الذي وجد مناصروه لجوءاً كريماً في سورية عام 2006. ترى ماذا تقول مفارقة (بحسب منطق الهجاء العربي الإسلامي) أن اللاجئين السوريين في تركيا، وأوروبا أو الولايات المتحدة الأميركية، هم الأفضل حالاً بكثير؟

تكشف هذه الملاحظات بوضوح أن هجاء الغرب، وتبخيس تفوقه إنما هو هرب من الواقع، وتبرير مزر للذات وعدم القدرة على صناعة النجاح. هو تبرير للتزمت والانغلاق الديني، وتبرير للطائفية، وقبل ذلك وبعده للاستبداد. تحول الهجاء، والتبخيس مع الزمن إلى آلية سياسية وآيديولوجية لإعادة إنتاج ثقافة بالية عفى عليها الزمن، يستند إليها الاستبداد وتعتاش منها الطائفية، حليفة الاستبداد. ما ليس واضحاً بعد أن هجاء الغرب، وتبخيس تفوقه تحول بذاته إلى عقدة حضارية باتت مع الزمن عقبة كأداء في وجه العرب أنفسهم. كيف ذلك؟ محاولة الإجابة هي موضوع الأسبوع المقبل.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تفوق الغرب وإنكاره عربياً تفوق الغرب وإنكاره عربياً



GMT 20:07 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

طالبان وإيران حلفاء أم أعداء؟

GMT 20:01 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

مجرداً من عصاه

GMT 19:57 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

إيران وجناحاها التالفان

GMT 19:52 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

هل يعامل إبراهيم رئيسي مثل عمر البشير؟

GMT 19:47 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

GMT 19:43 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

سيطرة طالبان على أفغانستان تقلق إيران!

GMT 17:54 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

ولكن رئيس رئيسي لا يمد يده!

GMT 06:39 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

هل التوافق ممكن بين الدين والعلم؟

GMT 01:49 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نيكول سابا تُشارك في مسلسل "مذكرات عشيقة سابقة"

GMT 02:21 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيسة وزراء رومانيا تبدأ زيارة رسمية إلى سلطنة عمان

GMT 08:13 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

23 صورة من إطلالات النجوم في مهرجان القاهرة السينمائي

GMT 01:04 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

"روندا" مدينة فوق الصخور وروح الأندلس في إسبانيا

GMT 18:53 2021 الثلاثاء ,04 أيار / مايو

تعرف على أسعار كيا سبورتاج 2021 فى الإمارات

GMT 19:39 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

الأميركي بريسون ديشامبو يتقدم في "السباق إلى غولف دبي"

GMT 02:42 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

"العرب اليوم" يكشف عن مطربي حفلات رأس السنة 2019

GMT 07:23 2018 الجمعة ,06 تموز / يوليو

تعرف على كيفية أداء صلاة خسوف القمر

GMT 07:43 2018 الجمعة ,11 أيار / مايو

أفضل 10 أماكن لقضاء العطلة الصيفية في فرنسا
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria