لماذا انفجرت الطائفية
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

لماذا انفجرت الطائفية؟

لماذا انفجرت الطائفية؟

 الجزائر اليوم -

لماذا انفجرت الطائفية

خالد الدخيل

يتأسس السؤال في عنوان هذه المقالة على ثلاث فرضيات. الأولى أن هناك طائفية يعترف بها الجميع. الثانية أن هذه الطائفية كانت ولا تزال جزءاً من البنية الاجتماعية والثقافية للمجتمعات العربية لقرون. من هنا يأتي السؤال: كيف ولماذا انفجرت الآن؟ وليس لماذا ظهرت أو نشأت؟ الثالثة أن بروز الطوائف عملية طبيعية في سياق تاريخ الأديان، وهي تعبر عن التعددية باعتبارها تقع في صلب التكوين الطبيعي للمجتمع الإنساني. ظهور الطوائف بهذا المعنى تعبير عن اختلاف في الرؤية والتصور والمصالح والقناعات ومستويات الفهم... إلخ، بين أبناء المجتمع الواحد.

عندما ننظر إلى الموضوع من هذه الزاوية، نجد أن العوامل المسؤولة عن انفجار الطائفية في العالم العربي متعددة، ولا تتساوى في حجمها ووزن تأثيرها. لا يمكن والحال كذلك تناول كل هذه العوامل. ما هو ممكن تناول أهمها وأكثرها تأثيراً، وهي ثلاثة عوامل متداخلة: عامل الموروث والتأسيس، وقابلية الواقع العربي للتفجير، وأخيراً العامل الإيراني. ينتمي العامل الأول إلى المرحلة التأسيسية في تاريخ الإسلام، ويتبدى في أنه أسس للبنية الطائفية في المجتمعات العربية والإسلامية. لم يكن هذا هو الهدف، لكن هكذا جاءت النتيجة في نهاية المطاف. كانت البداية في السقيفة، حيث كان الخلاف السياسي الأول في الإسلام حول من يحق له أن يخلف الرسول في رئاسة الدولة والأمة الجديدة. حول هذا السؤال بدأ الخلاف بين الأنصار والمهاجرين، وانتهى إلى خلاف بين المهاجرين أنفسهم، ثم خلاف بين المسلمين. أصل الخلاف كما هو معروف، كان سياسياً وليس طائفياً. لكن في سياق الأحداث والصراعات بدأت تتشكل الملل والنحل، كما يقول مؤرخو الفرق. كانت الفتنة الكبرى أو الحرب الأهلية هي التي دشنت بداية هذا التحول الذي استمر أيام الأمويين، ليستقر مع العباسيين بظهور الفرق الإسلامية الرئيسية.

في هذا السياق، تبرز مساهمة العامل الأول في أنه حصر رؤية الإنسان المسلم نفسَه والمجتمعَ والتاريخَ والكون في منظور ديني خالص. المعتقد الديني هو أساس هذه الرؤية، وهو أيضاً أساس الانقسام بين المذاهب. وبالتالي ما يعبر عنه هذا الانقسام في نهاية التحليل ليس بالضرورة القرب أو البعد من المعتقد الصحيح، وفقاً لما يقوله القرآن أولاً، ثم السنّة لاحقاً، ومن ثم من المقدس الذي يمثله هذا المعتقد، وإنما وفقاً لما يرى أتباع هذا المذهب أو ذاك أن القرآن أو السنّة تقوله وتقرره في شأن هذا المعتقد، والمقدس الذي يعبر عنه.

هذا هو الموروث الذي انتهى إليه التاريخ الإسلامي، لكنه موروث احتفظ بحيويته عبر الزمن. ظلت الطائفية والمذهبية سمة رئيسية في تركيبة المجتمع العربي الإسلامي، ومكوناً رئيسياً في تراثه الثقافي والديني. لم يغير في هذا الوضع تعاقب دول إمبراطورية (الأموية والعباسية)، أو نشوء إمارات مستقلة بعد انهيار هذه الدول. السيرورة التاريخية والطبيعة السياسية لهذه الدول لم تتغير كثيراً، وتستخدم الآليات السياسية والأيديولوجية ذاتها. بدا الأمر على نحو مختلف مع انهيار الدولة العثمانية، ونشوء الكيانات العربية تحت ظلال الاستعمار، وما أعقب ذلك من حركات تحرر وطني. بدا حينذاك أن كلاً من الانتماء الطائفي والمذهبي تراجع، وبات من ماض بعيد يتصادم مع الهوية الوطنية الجديدة. لكن، سرعان ما تبين أن مفاهيم الدولة والوطنية والحداثة والمواطنة، التي جاءت مع عصر الاستعمار، وما ترافق مع ذلك من ديموقراطية وليبرالية أو اشتراكية، لم تكن لتعبر عن تحول اجتماعي حقيقي، أكثر منه محاولة لأقلمة قيم وانتماءات قديمة مع إطار اجتماعي سياسي يتشكل بعد الحرب العالمية الأولى. كانت الأقليات تستخدم مفاهيم أو شعارات ليبرالية أو يسارية أو قومية للتخفيف من شعورها الأقلوي، وليس بهدف نسف البنية الاجتماعية وتقديم بديل اجتماعي مع أسس مختلفة للتراتبية وللأقلية والأكثرية. كانت الأكثرية تأخذ بالمفاهيم أو الشعارات ذاتها لإخفاء الأسس التقليدية التي تستند إليها، وادعاء أسس جديدة لتعزيز أكثريتها بحمولتها التقليدية ذاتها، وإن بمفاهيم وشعارات جديدة. وهذا يعني في نهاية المطاف أن الطائفية والمذهبية بقيتا موروثاً حياً حتى بعد أن دخل العالم العربي والإسلامي العصر الحديث. بعبارة أخرى، احتفظت المجتمعات العربية بتركيبتها الطائفية العميقة على رغم دخولها العصر الحديث وتجربة الاستعمار، ونشوء ما عرف بالدولة الوطنية وتغير النظام الدولي. أضعف هذا الاحتفاظ الدولة وجعلها قابلة للاختراق الطائفي، أو التلاعب بتركيبتها الطائفية لمن يريد أن يفعل ذلك.

جاء تأثير العامل الإيراني من هذه القابلية. كانت البداية مع الثورة الإيرانية عام 1979، التي كانت أيضاً أحد الادعاءات الحداثية التي عرفها العرب قبل ذلك. كانت ثورة ضد الشاه وما يمثله سياسياً وتاريخياً، وكانت ثورة ضد الهيمنة الأميركية. وعلى رغم أنها ثورة دينية، وتتبنى مفاهيم دينية قديمة (أبرزها مفهوم ولاية الفقيه)، تعود بالمجتمع أكثر من ألف عام إلى الوراء، إلا أنها حظيت بشعبية كاسحة في إيران والعالم العربي. تعززت هذه الشعبية عربياً بعد تبني قيادة الثورة القضية الفلسطينية، ورفعها شعار المقاومة. لم ينتبه كثيرون إلى أن هذه الثورة ليست أكثر من المحاولة العربية ذاتها للأقلمة، وإخضاع الحديث لسطوة القديم، وأنها تتجه نحو الاصطدام مع الواقع. استخدم النظام السياسي الجديد في إيران الشعبية العربية للتغطية على ما يتطلع إليه في جواره العربي، ولم يتضح ذلك إلا بعد الغزو الأميركي للعراق، ثم الثورة السورية. اتضح أن «إيران الثورة» طائفية بنصوص دستورها وسياساتها الداخلية والخارجية وتحالفاتها الإقليمية. توظف الطائفية كآلية لاختراق بعض الدول العربية، وتوجه تهمة «التكفير، أو رفض المقاومة»، لمن يعارض سياستها هذه. واللافت أن أكثر نجاحات إيران في الاختراق تحققت في دولتين كان يحكمهما حزب البعث بعقيدته القومية العربية المناهضة للفارسية. سقط العراق في حضن الاختراق الإيراني على يد الأميركيين، أما في سورية فأسقط حزب البعث نفسه، واستسلم أمينه العام (الرئيس السوري) للنفوذ الإيراني، أملاً بالبقاء في السلطة أمام ثورة شعبية أصر على تحويلها إلى حرب أهلية مذهبية.

هنا يبرز سؤال: إذا كانت الطائفية في أصلها الأول تعبيراً عن التعددية الطبيعية للمجتمع، فلماذا تتحول إلى مصدر للأحقاد والحروب وخراب الدول؟ المشكلة ليست في أصل الشيء، وهو التعددية، إنما في طريقة التعاطي والتعامل معه بعد أن يتحول هذا الشيء إلى صيغة أخرى ماثلة على أرض الواقع. فالتعددية كصفة طبيعية لحياة المجتمع تفعل فعلها ليس فقط في حال الدين، بل في مجالات أخرى. كما في الدين، هناك فرق ومدارس وتيارات ونظريات متعددة ومختلفة، في حقول الفن والموسيقى والآداب واللغات والفلسفة والسياسة والتاريخ... إلخ. حتى العلوم الطبيعية على رغم ما تتمتع به من صلابة ودقة منهجية مقارنة بغيرها، لم تسلم من حال الانقسام النظري والمنهجي.

لماذا لا يؤدي الانقسام إلى الحروب في الحقول الأخرى؟ الفارق بين الدين والمجالات الأخرى هو المقدس، وجوداً وغياباً. الاختلاف في الدين يعبر بالنسبة إلى طرف ما عن موقف ينطوي على انتهاك للمقدس، ولما هو من ثوابت الدين وضروراته، لدى طرف آخر. انطلاقاً من هذه الرؤية الدينية المنغلقة تغيرت الطبيعة المدنية للتعددية في المجتمع، إلى طبيعة دينية تعبر عن نفسها من خلال التحزب الطائفي. في المجالات الأخرى يغيب المقدس، أي أن الاختلاف خارج المجال الديني هو مجرد اختلاف في المنهج والرؤية وليس في العقيدة. لاحظ هنا تميز الدين عن غيره من المجالات الاجتماعية.

تأتي السياسة بعد الدين من حيث قابلية الانقسام والصراع حولها وعليها لأن يؤدي إلى حروب وصراعات دموية. لا علاقة لهذا بالمقدسات أيضاً، وإنما بالمصالح. وفي المجتمعات التي يتراجع فيها منطق الدولة كما يتمثل بالقانون والمؤسسة، تتحول هذه المصالح في الغالب إلى معادلة صفرية. الأمر الذي يجعل من الاستعانة بالدين والمذهب أمراً مطلوباً وسائغاً في مجتمعات لم تغادر مرحلتها الدينية للتغطية والدفاع عن هذه المصالح. في هذا تزاوج بين منطق المصلحة العارية ومنطق الدين المحض، يكون في الغالب على حساب الدولة ولمصلحة الطائفة. هذا ما انتهت إليه تجربة «الثورة الإيرانية»، و «التجربة القومية» في العراق وسورية، وهي سيرورة تتهدد الجميع.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا انفجرت الطائفية لماذا انفجرت الطائفية



GMT 20:07 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

طالبان وإيران حلفاء أم أعداء؟

GMT 20:01 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

مجرداً من عصاه

GMT 19:57 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

إيران وجناحاها التالفان

GMT 19:52 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

هل يعامل إبراهيم رئيسي مثل عمر البشير؟

GMT 19:47 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

GMT 19:43 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

سيطرة طالبان على أفغانستان تقلق إيران!

GMT 17:54 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

ولكن رئيس رئيسي لا يمد يده!

GMT 06:39 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

هل التوافق ممكن بين الدين والعلم؟

GMT 01:49 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نيكول سابا تُشارك في مسلسل "مذكرات عشيقة سابقة"

GMT 02:21 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيسة وزراء رومانيا تبدأ زيارة رسمية إلى سلطنة عمان

GMT 08:13 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

23 صورة من إطلالات النجوم في مهرجان القاهرة السينمائي

GMT 01:04 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

"روندا" مدينة فوق الصخور وروح الأندلس في إسبانيا

GMT 18:53 2021 الثلاثاء ,04 أيار / مايو

تعرف على أسعار كيا سبورتاج 2021 فى الإمارات

GMT 19:39 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

الأميركي بريسون ديشامبو يتقدم في "السباق إلى غولف دبي"

GMT 02:42 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

"العرب اليوم" يكشف عن مطربي حفلات رأس السنة 2019

GMT 07:23 2018 الجمعة ,06 تموز / يوليو

تعرف على كيفية أداء صلاة خسوف القمر

GMT 07:43 2018 الجمعة ,11 أيار / مايو

أفضل 10 أماكن لقضاء العطلة الصيفية في فرنسا
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria