أسامة الرنتيسي
عُوجا؛ والحال مايل، مهما حاولت أن تنظر إلى نصف الكأس الملآن، فإن الجروح في الجسد عميقة لن تشفيها كل المضادات .
كل صغيرة وكبيرة في البلاد تجد جيشا من قوى الشد العكسي، لا أحد يعجبه ما يفعل غيره، والأهم أن القناعات انعدمت بوجود نوايا حقيقية وإرادات صادقة في الاصلاح والتغيير.
لهذا فإن العتمة تغزو يومياتنا، والأجواء البائسة، تؤشر إلى واقع الحال الذي وصلت إليه الحياة العامة في البلاد، فلا شيء مقنع للمواطنين، لا حكومات، ولا برلمان، ولا أحزاب، ولا مؤسسات مجتمع مدني، ولا لجان، حتى باقي المؤسسات التي كانت الجدار الأخير، أصابها الوهن والضعف، وأخبار الفساد تنخرها بعنف.
أصبح مجتمعنا هشا يُصدّق أية رواية مهما كان حجم الغرابة فيها، يأخذها مسلمات، ومهما توسعت التوضيحات والنفي والاستنكار يبقى لهذه الروايات ذيول ومصدقون مقتنعون أن أصل الرواية صحيح، وهناك من يريد أن يغطي على أمر ما.
لكن؛ من حسنات الأيام في وقتنا الحالي عدم الشعور بالزمن والوقت، فما ان يبدأ الأسبوع إلا وينتهي سريعا، وبين الاحتفال برأس السنة وآخرها لا أحد يدري كيف مرت شهورها.
فعلا خربانة يا عواد…. ” بييييع يا عواد”.
وعواد بطل فيلم مصري “عايز حقي” للفنان هاني رمزي، يقرأ السائق صابر الطيب نص الدستور المصري الذي يُقِر أن من حق أي مواطن جزءًا من المِلْكية العامة، فيرفع قضية مطالبا بحقه في المال العام، وأن يحصل على شقة يتزوج فيها، يتم القبض عليه بتهمة تحريض الجماهير، يحصل على الحكم بالبراءة من القضية كي ينادى ببيع الوطن، عن طريق التوكيلات التي يرسلها المواطنون إليه بأحقيته في بيع حقهم في الوطن. تعرض أحد المحطات الفضائية على صابر أن يمنحهم تفويضا بمتابعة القضية وترسله مع زوجته وفاء إلى شرم الشيخ، بينما تتهافت المؤسسات العالمية على شراء حق المواطنين المصريين في بيع حقهم في الوطن، تنفصل وفاء عن زوجها الذي يلتقي رجلا عجوزا يحدثه عن عواد الذي باع أرضه، وفقدها إلى الأبد، ويضعه بين خيارين أحدهما، بييييع يا عواد.
في لحظة ما هل سنقف جميعا قبالة الرجل العجوز ونقول له: ماذا نفعل، إنها فعلا عوجا، فهل نبيع أم نذهب معًا إلى جسر عبدون.
الدايم الله…..