أسامة الرنتيسي
ضاجت الأصوات كثيرا طوال الساعات الماضية بالمشاهد المؤلمة للتجمعات حول باصات الخبز الحكومي، ونسي الناس فيروس الكورونا ومخاطره ودخلنا بفيروس التجمعات العشوائية وعدم الانضباط.
كثيرون يلومون الناس على عدم التزامهم الدور وينتقدون تدافعهم غير الحضاري، وهو نقد واجب، لكن النقد الأكبر على الذي وضع خططا على الورق وهو لا يعرف شوارع جبل النزهة وجبل القصور وحي جناعة وحجم الاكتظاظ السكاني فيها، كما لا يعرف مستوى مخابز البصيرة وخرجا ومليح وماحص وكيفية تقديمها الخدمة للمواطنين.
بعيدا عن القرارات الحكومية العشوائية والإجراءات الفاشلة وإجراء التجارب على الناس، فإن تصريح رئيس الوزراء الثلاثاء حسب خبير قانوني ووزير سابق هو “أمر دفاع جديد ألغى قرار منع التجول للمشاة وظل قائما للتنقل بالسيارات”، لكن هذا القرار الغريب سوف يربك الناس أكثر من السابق.
منذ صباح الأربعاء سوف تدب الحياة من جديد في شوارعنا حتى لو من دون سيارات، قد يكون هذا أمرا مريحا على المواطنين لكنه غير مريح في مواجهة كارثة الكورونا.
الحكومة رفعت يدها، وتركت القرار للمواطنين، لعلهم يتعلمون درسا مما جرى في يوم الجمعة الماضي وفي يوم ثلاثاء الخبز، ويحاربون وحدهم التجمعات ويلتزمون الدور والمسافات بين بعضهم بعضا ، هم يراهنون على وعينا فهل نثبت للجميع أننا فعلا بحجم التحدي، ونرفض كل السلوكات السلبية.
على الجميع أن يقتنعوا أن المعركة ليست معركة الرزاز ولا سعد جابر ولا العضايلة، ولا وزراء الصناعة والبلديات والعمل، مهما كان تقويم أدائهم إيجابيا أو سلبيا، إنها معركتنا جميعا.
في معركة الكورونا لن يفوز في النهاية إلا الملتزمون بالبقاء في منازلهم ومقيدون بالحجر المنزلي، ويمارسون كل أنواع النظافة والتعقيم للمحافظة على صحتهم وصحة أسرهم ومحيطهم، وينظرون بوعي شديد لما حصل في بلدان كثيرة تراخت حكوماتها في قراراتها، واستسهلت شعوبها بما هو مطلوب منها.
صحيح أن القضية مجتمعية عامة، وإصابة فرد في عمارة مثلا أو في قرية أو مخيم او شارع او منطقة سوف تعود بالويل على كل محيطه، لأننا نقاوم وباء ليس مزحة، لكن يبقى الملتزم في بيته، والمحافظ على درجة تحضر لا تقبل اللعب بمصير حياته وصحته هو الفائز أخيرا.
الدايم الله….