أسامة الرنتيسي
معركتنا مع الكورونا طويلة، ونتمنى أن لا تَصْدُق المعلومات التي تشير إلى أن المعركة مفتوحة طوال سنة 2020.
لهذا؛ علينا أن نغادر مساحة الخوف التي تنتابنا مع كل تفصيلة جديدة، وننظر دائما للأمام، وما يُخبِّئ لنا المستقبل.
في الساعات الماضية غرقنا جميعا في تفاصيل حادثة وفاة السلط، وتسجيلات العريان وتداعيات قضية “صبحي”، أعتقد أننا ظلمناه كثيرا، وتنمرنا عليه بشكل مرعب، أتمنى أن يكون درسا لنا في الأيام المقبلة.
في قضية الكورونا، كقضية مجتمعية عموما، بعيدا عن أنها وباء عالمي، الهدف الرئيس من خطة المواجهة العامة تحقق، وتبقى كل الأمور الأخرى تفاصيلَ يومية، علينا أن نتعايش معها.
لا يوجد إنسان على كوكب الأرض عموما، وفي بلدنا على وجه الخصوص إلا ووصلت له معلومة الخطورة المتحققة من فيروس الكورونا، وتعلّم طرق مواجهته والحماية منه.
لا أحد يعتقد اننا سوف نكون على سوية واحدة في مواجهة الوباء، لكل منا قناعاته، ولكل منا طرق معينة في الحياة وسلوك دروبها.
الوعي العام في مواجهة الوباء أصبح سلوكا وثقافة في عقول الجميع، النظافة والتعقيم أساس المواجهة، والابتعاد عن بعضنا قدر الامكان في أي مكان نوجد فيه، هذه متلازمات الحياة الجديدة، لا شهر ولا شهرين ولا سنة، هما شكل الحياة في المرحلة المقبلة، حتى بعد أن يمن الله علينا ونصل إلى مصل نهائي لهذا الفيروس المتحوّل، الذي سوف يطاردنا في أشكال مختلفة.
أمام هذا الواقع، علينا أن نتخلص في كل الأحوال بالأساليب واللغة من شتم أي إنسان ووصفه بأقذع الألفاظ لأنه لم يلتزم التعليمات والإجراءات، هذه التعليمات والإجراءات تحتاج “سِسْتِمًا” سلوكًا مُعينًا وقانونًا واضحًا يعرفه كل إنسان وبعد ذلك الذنب ذنبه، من دون المحاكمات الشعبية التي هي للأسف أعنف كثيرا من القانون وروحه.
قبل 38 عاما أبدع ماركيز أجمل رواية “الحب في زمن الكوليرا” نشرت عام 1982 وحققت نجاحا باهرا وترجمت إلى عدة لغات وتحولت إلى فيلم سينَمَيٍ يحمل الإسم نفسه، الآن جاء زمن الكورونا وننتظر من الروائيين الأردنيين والعرب والعالميين أن يبدعوا لنا تحفة فنية ثقافية توازي حب ماركيز في زمن الكوليرا، حيث أن الكورونا اجتاحت العالم كوباء قاتل، بينما الكوليرا بقيت محصورة في مناطق بعينها، وتخلص منها العالم منذ سنوات.
أيام قليلة، ونتخلص من سيطرة أخبار الكورونا على كل لحظات حياتنا، سوف تصبح حدثا عابرًا، وتدخل على يومياتنا أحداث أخرى جديدة.
سنتخلص من انتظار الإيجاز اليومي على أعصابنا، ومتى سيبشرنا الوزير المبتسم سعد جابر بجفاف الفيروس، ومتى سيرتاح وزير إعلامنا أمجد العضايلة من إرهاق البيانات والتعليمات والإجراءات.
الحياة سوف تستمر بالكورونا ومن دون الكورونا، لكنها رسمت لنا خط حياة جديدًا، سوف يُخلّصنا من كثير من سلوكاتنا التي كنا جميعا ندينها لكننا نمارسها.
الدايم الله…