أسامة الرنتيسي
إذا كانت إيران تُبالغ وتضخم أفعالها وتصريحاتها، فإن أميركا تشتغل سينما أكثر.
صواريخ إيران التي ردت فيها على عملية اغتيال قاسم سليماني أوقفت العالم على رؤوس أصابعه خلال الـ 24 ساعة الماضية.
وإذا كانت المعلومات الإيرانية حول مقتل 80 أميركيا غير صحيحة، فإن التصريحات الترامبية حول عدم إصابة أي أميركي أو عراقي أيضا غير صحيحة.
وبعيدا عن تضليل التصريحات الايرانية والأميركية، فإن ما حدث الأربعاء، وبالسيناريوهات المرسومة يكشف عما بعد سليماني وعين الأسد بين إيران واميركا، لخصها “ظريف ايران” بقوله في تغريدة : ” نحن لا نسعى إلى التصعيد أو الحرب، لكنّنا سندافع عن أنفسنا ضدّ أيّ عدوان”. .. ورد عليه ترامب: “كل شيء على ما يرام”.
ومثلما كان الرد الايراني غير ماحقٍ ومزلزلٍ لأميركا ومصالحها وقواعدها، فإن الرد الأميركي من قبل الرئيس ترامب كان أيضا غير ساحقٍ ولا متوعدٍ لإيران بقرارات جديدة، حيث لم يتجاوز تصريحاته السابقة بعدم السماح لإيران بامتلاك القنبلة النووية والتوسع في العقوبات الاقتصادية وجردة حساب لِما أنجزه في ملف الإرهاب والإرهابيين.
لم ينتظر أعداء المحور الايراني كثيرا بعد الرد الصاروخي على القاعدتين العسكريتين الأميركيتين من الاستهزاء بالرد واعتباره “مدروسا ومبرمجا بين الطرفين”، خاصة أن المعلومات التي كشف عنها رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبدالمهدي بأن ايران أبلغت العراق عن الضربة الصاروخية، وبالتالي لا يستطيع القادة العراقيون أصدقاء أميركا إخفاء معلومة بهذا الحجم عن الإدارة الأميركية التي أخذت تدابيرها وأخلت القواعد قبل وصول الصواريخ.
أما أصدقاء المحور الإيراني فإنهم اعتبروا الرد كافيا بمجرد أن إيران ردت ولم تؤخر الفعل كثيرا، لأن الصراع خلال الأسبوع الماضي توسع كثيرا هل ترد إيران أم تبقى على موقفها السابق في أكثر من حدث، تهدد وتبقى عند حدود التهديد، اما هذه المرة فإنها لم تعتمد على أصدقائها وأذرعها في المنطقة، إنما ردت بصواريخها المباشرة وضربت ذات القاعدة التي انطلق منها العمل العسكري لاغتيال سليماني، كما أنها إختارت ان ترد في ذات التوقيت الذي قامت فيه أميركا بفعلتها.
بعد كل هذا، ليس مستغربا أن المجابهة التي وقعت بين أميركا وإيران وطي ملف سليماني خطوة لإعادة ملف الحوار الأميركي الإيراني بخصوص إعادة فتح الاتفاق النووي وتجويده.
لنتذكر جيدا أن الاتفاق السابق جاء بعد موجة من التصريحات المتناقضة بين الطرفين لم تصل إلى مجابهات عسكرية، لكنها جاءت بعد تهديدات كبيرة.
الدايم الله…