أسامة الرنتيسي
فعلها مرة ثانية، وخطف اللحظة والموقف والوجدان الشعبي العربي، وشطب كل التخرصات التي تزعم أن الخليج العربي هو الأقرب للتطبيع واستقبال النتنياهو، وأسكت كل الاصوات الناعقة التي تخرج من بعض زوايا العتمة لتكشف عن صهيونية مدفونة في أعماقها منذ سنوات.
في 30 ثانية، خرّب رئيس مجلس الأمة الكويتي الشاب مرزوق الغانم كل الجهد وحلقات التآمر التي اجتهدت فيها الإدارة الأميركية المتصهينة التي صاغت صفقة القرن على مقاس نتنياهو وكيفما شاء، ليقول لهم باسم الشعوب العربية: أقول هذه صفقة القرن مكانها مزبلة التأريخ.. وألقى بها في سلة المهملات، فصفّق له الوفد الكويتي وكل من كان في المؤتمر، مثلما رقصت قلوب وأرواح كل من شاهد الفيديو.
وأكمل معبّرا عن ضمير كل الشعوب العربية: “إن صفقة القرن ولدت ميتة ولن تنفعها ألف إدارة أميركية، وإن صفقة القرن مرفوضة فلسطينيا وعربيا وإسلاميا، حتى أن أوروبا غير متحمسة لها، بل إن هناك داخل أميركا من هو ضدّها”.
ولأنه يفهم عقلية صاحب الصفقات الرئيس ترامب عرض الغانم على الإدارة الأمريكية، والاحتلال الإسرائيلي، بشأن (صفقة القرن) الأمريكية، وحل القضية الفلسطينية ، قائلًا خلال الاجتماع الطارئ للاتحاد البرلماني العربي؛ لدعم القضية الفلسطينية: “نحن نعرض على المحتلين حُزمًا مالية، أضعاف ما عرضته صفقة القرن على الفلسطينيين؛ ليعودا من حيث أتوا، وبهذا فقط ستكون صفقة قرن حقيقية”.
موقف الغانم في العاصمة الأردنية عمّان يُذكّرنا بموقف شجاع آخر صنعه في أكتوبر 2017 ، أيضًا لم يتعَدّ من الزمن 60 ثانية، حيث أعاد الغانم الروح للأمة العربية التي أصابها الوهَن والدمار من جراء ما وقع في بنيانها من مصائب خلال السنوات الأخيرة.
في 60 ثانية بمصاحبة تصفيق من زميلته صفاء الهاشم تصدّى الغانم لادعاءات رئيس الوفد الإسرائيلي حيال موضوع النواب الفلسطينيين المعتقلين في السجون الإسرائيلية، واصفا إياه بالمحتل وقاتل الأطفال.
ووجه الغانم حديثه إلى رئيس الوفد الإسرائيلي خلال مداخلته في الجلسة الختامية لاجتماع اتحاد البرلمان الدّولي الذي عقد في سانت بطرسبورج في روسيا خلال مناقشة تقرير عن أوضاع النواب الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، قائلا: “عليك أيها المحتل الغاصب أن تحمل حقائبك وتخرج من القاعة بعد أن رأيت ردة فعل برلمانات العالم، أخرج من القاعة إن كان لديك ذرة من كرامة يا محتل، يا قتلة الأطفال”. وقال الغانم: “أقول للمحتل الغاصب إن لم تستح فافعل ما شئت”.
ما يفعله الغانم ليس جديدا على الكويت ومواقفها في دعم القضية الفلسطينية وقد كانت قبل مرحلة الغزو في ١٩٩٠/٨/٢ الحضن الدافئ للعمل الفدائي، وللشعب الفلسطيني، حيث كانت موئل مدارس منظمة التحرير ومكاتب الفصائل الفلسطينية، ومنتخبات فلسطين الرياضية، وعلى هذا الفكر والسلوك نشأ الأجيال الكويتيون ومن بينهم الغانم.
الدايم الله….