أسامة الرنتيسي
صحيح أن الأولوية الآن وقبل كل شيء لمواجهة الوباء القادم فيروس الكورونا، لكن كورونا الحالة السياسية، والعامة، وأيضا الخاصة في البلاد تعمل ضمن نظرية “سارحة والرب راعيها..” و”خليها لبكرة.. “، في تناغم مع السؤال اليومي الذي يُطرح عشرات المرات، ولا يجد إجابة من أحد، “وين رايحة البلد…”.
و”خليها لبكرة” نظرية من لا يعرف ماذا يفعل في أية قضية تطرح أمامه، وتسمعها من كافة المستويات، ومن شتى المتفائلين والمتشائمين.
إذا أردت طلبا من صديق في أية قضية كانت، خاصة أو عامة، وتلعثم في الوصول إلى إجابة، يبادر فورًا، ليقول لك “خليها لبكرة وبنشوف..”.
إذا وعدك مسؤول أو أي شخص لك عنده حاجة وتطلب منه المساعدة، ولا يستطيع تلبية طلبك، ولا يريد أن يعترف بعدم إمكانه ذلك، فإنه ينسحب بوعد “خليها لبكرة…”.
و”خليها لبكرة..” تسمعها من الوزير والسياسي والاقتصادي ورجل الشارع وحارس العمارة، وتُسمعها أنت لزوجتك وأولادك وللبقال الذي تستدين منه، ولمحاسب المدرسة الذي لم تستطع أن تسدد له باقي أقساط أبنائك…
الحكومة أيضا تعمل ضمن نظرية “خليها لبكرة”، فهي نائمة الآن نومة أهل الكهف عن قضية سرقة الكهرباء عينك عينك، وبلعت لسانها بعد تدهور سعر برميل النفط لتقوم صحيفة الغد بفضحها بخبر فخم أن سعر برميل النفط يعادل سعر 32 لتر بنزين في الأردن، والحكومة بعد هذه الفضائح سوف “تخليها لبكرة” حتى ترى ردة الفعل.
بين “خليها لبكرة” و”وين رايحة البلد”، تشاهد حجم التجهّم على وجوه الناس، وترى الترقب في الأعين، والقلق من بكرة، والحيرة في الإجابة عن المستقبل.
“وين رايحة البلد” سؤال تصعب الإجابة عنه في ظل الضباب الذي يلف القضايا الإقليمية من حولنا، ولا ندري أين سيمطر الغيم الأسود في سورية والعراق، ولا أين تصل مصائب صفقة القرن.
“وين البلد رايحة” في ظل القرارات وعقم الأداء الحكومي، وفي أزمة المالية الخانقة، واعتلال العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، والتقريص بين الحكومة والنواب، واستعارة مواقف سابقة للّوم والتذكير.
“وين البلد رايحة” إذا كان عدد محاولات الانتحار بهذا الشكل، حيث انتحر ستة في أسبوعين، وبدلا من التفكير بمراجعة أسباب الظاهرة هناك من يقترح تسييج جسر عبدون مثل تسييج دوار الداخلية لمنع الشباب من الانتحار.
كيف يمكن الإجابة عن سؤال “وين البلد رايحة” إذا كانت قضية بحجم قضية سرقة الكهرباء التي تعرض لها المواطنون، متدحرجة منذ أسابيع، وحتى الآن لم يتم إحقاق القانون، وتحقيق العدالة، وإدامة الاطمئنان، بعد تسويف رسمي، وانتظار حلول “الطبطبة”.
أقول لكم “خلوها لبكرة..”
والدايم الله…