أسامة الرنتيسي
في الوقت الذي كان العالم يقف على رؤوس أصابعه بعد حديث رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، (شبيه ترامب في لون الشعر) محذرا من أن “الكثير من العائلات” ستفقد أحباءها بسبب فيروس كورونا الجديد الذي تحول إلى وباء عالمي، كنا نحن في الأردن نصور المصاب الأردني الوحيد وهو يغادر المستشفى بعد أن تعافى من المرض.
لا جونسون موفّق في تصريحاته المرعبة، ولا نحن الذين نتسلى موفقين في ما نقوم به.
جونسون؛ وضع العالم إزاء أن المقبل أسوأ ولنستعد لفقدان الأحبة، وهذا يعني أن الأمور تفلت من بين أيدي الطب والعلم، والكارثة مقبلة، تتشابه مع تخرصات أصحاب الإشاعات التي تقول إن نصف العالم مهدد بالفناء.
ونحن؛ مارسنا أسوأ أنواع التنمر على مصابنا الوحيد بحيث تحول منذ اليوم الأول للإصابة إلى نجم تلفزيوني وإذاعي ولاحقته الفضائيات العربية والعالمية، باتصالات أكثر من وزير الصحة، لكي يتحدث للعالم عن إصابته، ويبث الاطمئنان في المجتمع، بدلا من ان يقدم له المجتمع جرعات من التفاؤل والشجاعة كي يتجاوز أزمته.
تحول مصابنا إلى مادة سخرية في العالم، فعندما تصمم الخرائط لعدد المصابين في الدول تذكر بالأرقام، البحرين 195، قطر 262،العراق 71 و8 وفيات فلسطين 31 الأردن (محمد الحياري).
مع كل هذا، هل صدق المجتمع الأردني أننا بلا إصابات أخرى مخفية لا تريد الحكومة الكشف عنها؟ طبعا لا، حتى لو أقسم وزير الصحة عشرات الأيمان وحلف بالطلاق فلن يصدقه الناس، لسبب بسيط، أن الثقة بالحديث الحكومي غير واردة، وما استقر في وجدان الناس أن الحكومة تكذب دائما خاصة في موضوع الأرقام، وفي الذهن أرقام كثيرة بدءًا من السرقة في أسعار الوقود، إلى السرقة في فواتير الكهرباء، إلى نسب البطالة والفقر وغيرها.
فكيف سيصدق الناس الرواية الحكومية ألّا مصابين لدينا في الأردن سوى الحياري الذي عافاه الله.
في هكذا أزمات لا يصح فيها سوى الوضوح التام، من دون مبالغة مثل صاحبنا جونسون الترامي، ولا التبسيط الشديد مثل وزير الصحة عندنا الذي يحاول بكل جهد أن يثبت أننا متعافون من الإصابات، بحيث لم يترك وسيلة إعلام أو إعلان أو حملة ترويج إلا وكان على رأسها.
بالله عليكم؛ هل كان هناك داع إعلامي أو صحي أو وطني بأن يظهر الشاب الحياري في فيديو مصور كي يقول لنا إنه تعافى وإنه بصحة جيدة، وهذه صورتي حتى يعرف الأردنيين كلهم مصابنا الوحيد.
فمن يحميه من أعين الأردنيين ونظراتهم المريبة.!
الدايم الله……