بقلم - منى بوسمرة
أطراف عديدة في هذه المنطقة تسعى وتتمنى أن تستبدل أولوية تحالف دعم الشرعية، بمحاربة الإرهاب في اليمن ممثلاً بجماعة الحوثي الإيرانية بأولويات أخرى، وهؤلاء يريدون صناعة فتن جديدة، بغية تراجع الحرب على الإرهابيين الحوثيين من خلال إعادة خلط الأوراق.
هذا المسعى معروفة أهدافه، والإمارات والسعودية تدركان معاً في تحالفهما التاريخي أن أي عنوان آخر غير التحرير الكامل سيكون لصالح إيران وعصاباتها في اليمن، وليس أدل على ذلك من محاولة أطراف كثيرة، بحسن أو سوء نية إشعال فتنة في عدن ستكون فاتورتها كبيرة جداً، وسوف تصب كلفتها لصالح الحوثيين الذين يريدون إشعال الخلافات بين مختلف الأطياف، حتى يواصلوا مشروعهم الإرهابي بإقامة دويلة إيرانية في جنوب الجزيرة العربية.
لهذا كله وعلى أساس هذا الإدراك كان الموقف الإماراتي والسعودي المشترك إزاء الأحداث في عدن، إذ إنها لو استمرت ستؤدي إلى تقويض الحياة في هذه المناطق المحررة، وإشعال حرب أحد نتائجها التخفيف عن الحوثيين، وإثارة المشاكل والنزاعات بين كل الفرقاء في اليمن، وهو أمر تدركه الإمارات والسعودية وتحرك البلدان من أجل تفويت الفرصة على المتربصين، والباحثين عن الفتن الذين يريدون أن يرفدوها بالمزيد من الشرر.
لقد عبر الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية بشكل محدد وواضح عن طبيعة الموقف الإماراتي السعودي إزاء ما جرى في عدن، إذ أكد في تغريدة له أن «معالجة التحالف الحصيفة لأزمة عدن تفادت فتنة سببها غياب الحكمة من كافة الأطراف، الأولوية لهزيمة الحوثي ومشروعه، والحوار اليمني الجدي مطلوب للتعامل مع قضايا حقيقية تراكمت سلبياً، ومن الضروري التأكيد لأصحاب الفتن ولمحبي التصيّد في المياه العكرة بأن الموقف الإماراتي مرآة للتوجه السعودي، انطلاقاً من شراكة استراتيجية تشمل أزمة اليمن وتتجاوزها».
الواضح تماماً أن تصدع موقف الحوثيين واقتراب ساعة الحسم، يضغط على هذه العصابات فلا تجد حلاً غير إعادة تصدير أزمتها، والمشكلة هنا كما أشار الدكتور أنور قرقاش أن الفتنة التي حدثت سببها غياب الحكمة من كافة الأطراف، وهذا يعني أن كل الحسابات في عدن يجب أن تخضع لقراءة كلفة أي تدهور في الأوضاع، والكيفية التي قد تستفيد منها عصابات الحوثيين من أي مستجدات في هذا الاتجاه.
إن التصيد الذي نراه في بعض الإعلام العربي ومن جانب نفر محدود من السياسيين، عبر تحليل العلاقة الإماراتية السعودية أو قراءة مشهد عدن بطريقة عمياء، يثبت أن هناك أجندات مريضة تتمنى السوء لهذه المنطقة، وهو أمر تدركه الإمارات والسعودية اللتان تقفان في تحالف قوي يواجه أكثر من تحدٍّ في المنطقة، وهذا يفسر قدرة البلدين على إطفاء ما حدث في عدن من خلاف ووضع حدٍّ لأي تدهور يخدم إرهاب الحوثيين.
من الطبيعي في عالم السياسة أن تحدث مفاجآت وتقلبات وتتقاطع المعادلات، لكن الدول القوية مثل الإمارات والسعودية قادرة على إدارة المشهد، وإغلاق الباب في وجه أي ثغرات قد يستفيد منها الانقلابيون، أو قد تخفف عنهم في ظل الهزائم التي يمنون بها يوماً بعد يوم.
التحالف العربي سيصل إلى غايته الأساس في نهاية المطاف، أي تحرير اليمن من كل هذه العصابات، ورده إلى أهله وإفشال مخطط خطفه لصالح إيران.
المصدر : جريدة البيان