بقلم - منى بوسمرة
دبي باتت تصنف خارج معايير المدن الأخرى، حتى الكبرى منها، وهذا ما تعتمده الكثير من التقارير والمؤشرات الدولية الموثوقة التي أصبحت تضع دبي في تصنيفاتها ضمن أطر خاصة، ومعايير المدن الرئيسية، خصوصاً في قوة الاقتصاد وتفوق بيئة الأعمال والاستثمار فيها، ومن بين هذه المؤشرات تقرير «إف دي آي إنتليجينس»، المتخصصة في شؤون الاستثمار الأجنبي حول العالم والتابعة لـ«فايننشال تايمز»، الصادر الأسبوع الماضي، الذي وضع دبي في مراتب الصدارة إقليمياً وعالمياً بين مدن المستقبل للاستثمار الأجنبي المباشر.
وأكثر ما يلفت في هذا التصنيف الذي جاءت دبي فيه بالمركز الأول إقليمياً، قفزتها الكبيرة في الترتيب العام للمؤشر على المستوى العالمي من المركز السادس إلى المركز الثالث، لتؤكد بذلك تفوّقها الاستثنائي خلال الظرف الصعب الذي يمر به العالم بسبب الجائحة، ما يعكس صواب البوصلة التي تسيّر دفة السفينة، فهذا التقدم الفارق جاء نتيجة طبيعية لرؤية وتوجيهات محمد بن راشد التي رسّخت مبكراً دعائم قوية لدبي واقتصادها وبيئتها الاستثمارية، وكما يؤكد حمدان بن محمد فإن دبي وقيادتها تضع الاحتفاظ بثقة المستثمرين وتنميتها وتعزيز جاهزية الإمارة الاقتصادية وتكامل عناصر بيئتها الاستثمارية، هدفاً استراتيجياً وأولوية قصوى تثابر على تعزيزها رغم التحديات العالمية المحيطة.
هذه الاستراتيجية الناجحة أصبحنا نرى ثمارها الكبيرة من خلال الثقة الراسخة عالمياً، على جميع المستويات، خصوصاً لدى الشركات العالمية ورجال ورواد الأعمال والمستثمرين، ليس فقط بما أسست له دبي من بنى تحتية ورقمية، هي الأفضل في العالم، وما رسّخته من استقرار وأمن لا نظير لها في أي مكان آخر، وإنما أيضاً بقدرة دبي العالية ومرونتها وسرعة تكيّفها مع المتغيرات ومواجهة التحديات وتحويلها إلى فرص.
جاهزية دبي للتحولات العالمية وللمستقبل تعزز بدرجة غير مسبوقة دورها المؤثر ومكانتها المحورية في الاقتصاد العالمي ونموه، ما يجعلها بيئة متميزة وفريدة في جذب رؤوس الأموال ومشروعات الاستثمار الأجنبي على المديين القصير والطويل، وأكثر من ذلك، فإن هذه العوامل بالذات ترسّخها وجهة مفضلة للاستثمارات المؤثرة في التنمية المستدامة، والقطاعات الأكثر حيوية عالمياً، وقطاعات المستقبل، ومنها قطاعات الغذاء والزراعة، والصحة، والتكنولوجيا المتقدمة في مجالات الصناعة والتجارة والأعمال اللوجستية.
التقدم الذي حققته دبي على مؤشر «إف دي آي إنتليجينس» هو نجاح كبير لخططها وإنجاز نوعي للثقة في اقتصادها، بالنظر إلى أن هذا المؤشر يعتمد تحليلاً شاملاً ومفصلاً للبيانات، يرصد من خلاله تدفقات رأس المال ومشروعات الاستثمار الأجنبي المباشر الجديدة حول العالم، ويحدد أفضل مواقع الاستثمار بمقارنات مرجعية ودراسات استقصائية دقيقة، ما يعطي موثوقية عالية لنتائجه.
دبي لم ولن تتوقف، بل يتعزز مع هذا الإنجاز إصرارها على التطوير والتحسين، ضمن أولويات واضحة وخطط مستقبلية مدروسة، وعينها دائماً على المركز الأول في صدارة مدن العالم في المجالات كافة.