بقلم - سليمان جودة
ما حدث فى أمريكا يوم السادس من يناير ٢٠٢١ سوف يظل محفورًا فى عقل كل أمريكى فلا يفارقه، وسوف يبقى رابضًا فى ذهن كل إنسان قضى ساعات يتابعه لحظة وراء لحظة فلا يغادره!.
ولابد أن كل الذين شاهدوا أنصار ترامب يتسلقون جدران مبنى الكونجرس، ويقتحمون أبوابه، ويعبثون بمحتوياته، لم يكونوا يصدقون أنفسهم، ولا كانوا يتصورون أن يومًا يمكن أن يجىء على الولايات المتحدة الأمريكية فتبدو فيه على هذه الصورة المزرية أمام العالم!.
المشكلة فيما جرى على مرأى من الدنيا ليس فى أنه حصل، وإنما المشكلة الحقيقية هى أن الذين تابعوه كانوا يفركون أعينهم، لعلهم يتبينون أن ما يتطلعون إليه حقيقة تتجسد أمامهم من لحم ودم.. وأين؟!.. فى واشنطن التى عاشت تعطى باقى العواصم دروسًا فى مبادئ الديمقراطية، وعاشت على مدى ٢٥٠ سنة هى كل تاريخها تقريبًا، تقول إنها أصل الليبرالية على الأرض!.
عاشت تفعل ذلك منذ عام ١٧٧٦ دون انقطاع، فإذا برئيسها نفسه يكفر بكل قيمة ديمقراطية، وإذا به يحرض أتباعه على العنف والشغب، شأنه شأن أى بلطجى فى أحقر حارة شعبية!.
والمؤكد أن الله تعالى وحده أعلم بعدد السنين التى سيكون على العاصمة الأمريكية أن تقضيها لتنسى ما حدث، أو تمحو آثاره من النفوس فى داخلها وخارجها.. فليس من السهل نسيان ما جرى، ولا من اليسير القفز فوق ما فاجأ الأمريكان وفاجأ غير الأمريكان دون مقدمات!.
وربما يكون الشىء الوحيد الذى سيخفف من وطأة ما وقع على كل نفس، أن يتم عزل هذا الرجل من منصبه، حتى ولو كان كل ما يتبقى له فى مكتبه ساعات معدودة على اليد الواحدة.. هذا رجل لا عقاب له على ما ارتكبه سوى عزله، ولا عقاب له سوى اقتياده مقيد اليدين إلى العدالة، ليس باعتباره متهمًا.. لا.. ولكن لأنه قد جرى ضبطه متلبسًا بتشويه صورة البلد الأقوى فى العالم، وإهالة التراب على قرنين ونصف قرن من تاريخ البلاد، وتغذية التطرف فى البلد وفى خارجه، وإعطاء القدوة الأسوأ أمام كل الذين قضوا ليلتهم فى ذهول مما كانت الشاشات تنقله أولاً بأول، وكأنها تنقل وقائع فيلم من أفلام الخيال!.
ترامب يجب أن يتلقى عقابًا على كل ما سبق، ثم يجب أن يتلقى عقابًا على شىء آخر تمامًا.. هذا الشىء هو أنه رجل أصغر من أمريكا!.