بقلم - سليمان جودة
ما يحدث فى إثيوبيا حاليًا يعيد إلى الأذهان ما حدث عام 1990 فى رواندا عندما اشتعلت الحرب فيها بين جماعات التوتسى والهوتو، وخلّفت وراءها مئات الآلاف من القتلى والمصابين! وقتها كان من الطبيعى أن يستحوذ القتال فى رواندا على اهتمامنا هنا لأنها دولة تشاركنا الانتماء إلى القارة السمراء أولًا، ولأنها إحدى دول حوض النهر الخالد ثانيًا!.. وهذا بالضبط ما ينطبق على إثيوبيا بالنسبة لنا، ثم يزيد على ذلك موضوع سد النهضة بطبيعة الحال!
وعلى مدى أيام مضت، كان الحدث الأهم على مستوى القارة هو الحرب الدائرة بين الحكومة المركزية فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وبين إقليم التيجراى الإثيوبى، الواقع بالقرب من حدود إثيوبيا مع إريتريا، التى كانت إلى يوم قريب جزءًا من الحبشة.. وهذا هو الاسم القديم لإثيوبيا.. ثم انفصلت عنها وصارت دولة مستقلة تطل على البحر الأحمر!
والذين تابعوا تفاصيل الحرب التى تزداد اشتعالًا يعرفون أن الأمم المتحدة أبدت انزعاجها الشديد، ليس من الحرب فى حد ذاتها، ولكن من وقوع جرائم حرب يعاقب عليها القانون الدولى!
وأغرب ما فى الموضوع أن المتهم بارتكاب جرائم الحرب هذه هو رئيس الوزراء الإثيوبى، آبى أحمد، الذى كان قد أنهى الصراع بين بلاده والإريتريين، بعد أكثر من عقدين من الحروب والمناوشات بين الطرفين!.. وربما كنا سنتابع وقوف إريتريا هذه الأيام مع شعب التيجراى، لو أن الصراع بينها وبين إثيوبيا كان لايزال على حالته القديمة!
وجه الغرابة أن آبى أحمد حصل على جائزة نوبل للسلام فى أكتوبر قبل الماضى، وقد كان وقتها يتحدث عن السلام بين بلاده وبين إريتريا، ثم بين بلاده أيضًا وبين دول حوض النهر فى العموم!
كان يتحدث عن ذلك، ولكن حديثه جاء على عكس الواقع بعدها لأن ما راح يتصرف به فى ملف السد مع مصر والسودان، ولايزال، إنما يقول إن جائزة نوبل عندما ذهبت إليه قد أخطأت العنوان!.. فإذا أُضيفت حربه على التيجراى إلى سلوكه المنحرف مع القاهرة والخرطوم فى قضية السد، بدا خطأ العنوان فى الجائزة مضروبًا فى اثنين!