بقلم : سليمان جودة
تفاصيل الزيارة التى قام بها إلى إسرائيل وزير البترول، المهندس طارق الملا، تقول إنها صادفت حفاوة ظاهرة فى تل أبيب، ليس فقط من جانب وزير الطاقة الإسرائيلى يوفال شتاينيتز، ولكن أيضًا من جانب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو!
تستطيع أن تلاحظ هذا فى العبارات التى قِيلت عند استقباله، على لسان نظيره هناك مرة، ثم على لسان نتنياهو نفسه مرةً أخرى.. وتستطيع أن تلاحظه كذلك من خلال الحرص على وجود مائير بن شابات، رئيس هيئة الأمن القومى، أثناء لقاء المسؤولين الثلاثة!
ورغم أن الزيارة ذات طابع اقتصادى وفنى فقط، ورغم أنها تتصل بملف الغاز تحديدًا بين البلدين، إلا أن نتنياهو حاول إضفاء الطابع السياسى عليها، عندما تحدث عن اتفاقات السلام التى جرى توقيعها مؤخرًا بين إسرائيل وكل من الإمارات، والبحرين، والسودان، والمغرب!
حاول الربط بينها وبين اتفاقية السلام التى جرى توقيعها بين مصر وإسرائيل مارس ١٩٧٩، وكان تقديره أن هذه الاتفاقية التى كانت الأولى عربيًا مع الدولة العبرية، فتحت الطريق إلى نوع من التعاون بين الشعوب فى المنطقة!.. وهذا كلام فى حاجة طبعًا إلى مراجعة، لأن التعاون الذى يتحدث عنه قد يكون قائمًا على مستوى الحكومات فى مجالات معينة!.. أما بين الشعوب فإن للتعاون مقتضيات يعرفها هو قبل سواه!
وقد جاء انتقال الوزير الملا من تل أبيب إلى رام الله فى الضفة الغربية، حيث التقى الرئيس الفلسطينى محمود عباس، وكأنه انتقال يحمل «رسالة» غير مباشرة تقول ما معناه إن ارتقاء التعاون من الحكومات إلى الشعوب مرهون بحل القضية مع رام الله ومع غزة، ومرهون بحل الدولتين الذى يقوم على أساس دولة فلسطينية مستقلة، عاصمتها القدس الشرقية!.
وعندما انتقل المهندس الملا من تل أبيب إلى رام الله تذكرت ما قالته العاصمة المغربية الرباط حين جرى الحديث عن زيارة يمكن أن يقوم بها إلى إسرائيل الملك محمد السادس!
فالعاهل المغربى لم يمانع فى الزيارة من حيث المبدأ، ولكنه أعاد تذكير الإسرائيليين بشيئين، أولهما أن العلاقات معهم ستظل عند مستوى مكتب اتصال لا مستوى سفارة، إلى حين قطع خطوات جادة فى اتجاه الدولة الفلسطينية المستقلة، وثانيهما أنه لو زار تل أبيب فإنه سينتقل منها مباشرةً إلى رام الله!.